فرد علي (١) بوجه قاطب (٢) مزور (٣) فقلت له : جعلت فداك ما الذي غير حالي عندك ؟ قال : تغيّرك على المؤمنين ، فقلت : جعلت فداك والله إنّي لأعلم أنّهم على دين الله ولكن خشيت الشهرة على نفسي .
فقال : يا إسحاق أما علمت أنّ المؤمنين إذا التقيا فتصافحا أنزل الله بين إبهاميهما مائة رحمة ، تسعة وتسعين لأشدّهما حبّاً ، فإذا اعتنقا غمرتهما الرحمة ، فإذا التثما لا يريدان بذلك إلّا وجه الله تعالى ، قيل لهما : غفر لكما ، فإذا جلسا يتساءلان قالت الحفظة بعضها لبعض : اعتزلوا بنا عنهما ، فإنّ لهما سرّاً وقد ستره الله عليهما ، قلت : جعلت فداك فلا تسمع الحفظة قولهما ولا تكتبه وقد قال تعالى : « مَّا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ » (٤) .
فنكس رأسه طويلاً ثم رفعه وقد فاضت دموعه على لحيته وقال : إن كانت الحفظة لا تسمعه ، ولا تكتبه فقد سمعه عالم السرّ وأخفى ، يا إسحاق خف الله كأنّك تراه ، فالله يراك ، فإن شككت أنّه يراك فقد كفرت ، وإن أيقنت أنّه يراك ثم بارزته بالمعصية فقد جعلته أهون الناظرين إليك (٥) .
٣٧ ـ وعن إسحاق بن أبي إبراهيم بن يعقوب (٦) قال : كنت عند أبي عبد الله عليه السلام وعنده المعلّى بن خنيس إذ دخل عليه رجل من أهل خراسان ، فقال : يا ابن رسول الله ( موالاتي إيّاكم ) (٧) أهل البيت ، وبيني وبينكم شقة بعيدة ، وقد قلَّ ذات يدي ، ولا أقدر أتوجّه إلى أهلي إلّا أن تعينني .
____________________________
(١) في نسخة « ش » و « د » : فرد عني ، وما في المتن من البحار .
(٢) قال الطريحي في مجمع البحرين ـ قطب ـ ج ٢ ص ١٤٥ : في الحديث : « فقطب أبو عبد الله وجهه » أي قبض ما بين عينيه كما يفعل العبوس .
(٣) أي مائل .
(٤) ق ٥٠ : ١٨ .
(٥) رواه الكشّي في رجاله ص ٧٠٩ ح ٧٦٩ ، والصدوق في ثواب الأعمال ص ١٧٦ ح ١ باختلاف في ألفاظه ، والكليني في الكافي ج ٢ ص ١٤٥ ح ١٤ نحوه ، والبحار ج ٥ ص ٣٢٣ ح ١١ .
(٦) في البحار : « إسحاق بن إبراهيم بن يعقوب » ، ولعل الصواب : « إسحاق بن إبراهيم أبو يعقوب » ، وهو الكوفي الأزدي العطار ، من أصحاب الصادق عليه السلام ، اُنظر « رجال الشيخ ص ١٥٠ رقم ١٥١ » .
(٧) في البحار : أنا من مواليكم .