فلم تزل أولاد معدّ فى منازلهم هذه ، كأنّهم قبيلة واحدة ، فى اجتماع كلمتهم ، وائتلاف أهوائهم ، تضمّهم المجامع ، وتجمعهم المواسم ، وهم يد على من سواهم ، حتى وقعت الحرب بينهم ، فتفرّقت جماعتهم ، وتباينت مساكنهم.
قال مهلهل يذكر اجتماع ولد معدّ فى دارهم بتهامة ، وما وقع بينهم من الحرب :
غنيت دارنا تهامة (١) فى الدّهر |
|
وفيها بنو معدّ حلولا |
فتساقوا كأسا أمرّت عليهم |
|
بينهم يقتل العزيز الذّليلا |
فأوّل حرب وقعت بينهم : أنّ حزيمة بن نهد بن زيد بن ليث بن سود بن أسلم بن الحاف بن قضاعة ، كان يتعشّق فاطمة بنت يذكر بن عنزة بن أسد ابن ربيعة بن نزار ، وكان اجتماعهم فى محلّة واحدة ، وتفرّقهم النّجع فيظعنون ، فقال حزيمة.
إذا الجوزاء أردفت الثّريّا |
|
ظننت بآل فاطمة الظّنونا |
ظننت بها وظنّ المرء حوب |
|
وإن أوفى وإن سكن الحجونا |
وحالت دون ذلك من همومى |
|
هموم تخرج الشّجن الدّفينا |
أرى ابنة يذكر ظعنت فحلّت |
|
جنوب الحزن يا شحطا مبينا |
فبلغ شعره ربيعة ، فرصدوه ، حتى أخذوه فضربوه ، ثمّ التقى حزيمة ويذكر ، وهما ينتحيان (٢) القرظ ، فوثب حزيمة على يذكر ، فقتله ، وفيه
__________________
(١) كذا فى الأصول ولسان العرب ، ومعناه : كانت دارنا تهامة وفى صفة جزيرة العرب للهمدانى : «عمرت».
(٢) كذا فى ق ، ج. وفى هامش س : «يجتنبان» ، وهما روايتان صحيحتان ، يؤيدهما قول اللسان : «خرجا ينتحيان القرظ ويجتنيانه». وفى س : «ينتجيان» وهو تحريف.