١ ـ عدم تصدّي الدارسين للتأريخ والأدب ، وعدم التوجّه منهم ، وإغفالهم هذه المنطقة إلّا القليل النادر ، كما اُشير له سابقاً .
٢ ـ التأثّر بالعامل المذهبي لدى بعض من تصدّى لجمع شعر شعراء هذا القطر كما بيّنّا ذلك .
٣ ـ عامل الخوف الذي ساد رجال العلم والأدب في تلك البلاد ، وهذا ناتج عن الحملة الوهّابية في أول مجيئها ، فقد تعرّض الناس وأهل العلم والأدب ـ بالخصوص ـ الى الإمتهان والقتل أحياناً ، ممّا دعا البعض من رجال العلم والأدب أن يغادروا وطنهم ويهاجروا إلى سائر البلدان كإيران والعراق والبحرين وغيرها ، واضطرّ الباقون إلى إخفاء مالديهم من تآليف علميّة أو دواوين شعريّة ، وذلك بدفنها في الأرض .
وأما ما سلم من هذا التراث وانتقل إلى يد الورثة من أبناء العلماء والاُدباء ، فقد قام هؤلاء بسبب العامل نفسه بإتلاف ما ورثوه من تلك المأثورات العلميّة والأدبيّة وخصوصاً الشعر منها ، وإذا أحسنوا رموها بين سفوح الجبال أو وضعوها في المساجد مع نسخ القرآن الممزّقة .
٤ ـ جهل من انتقل إليهم ذلك التراث ، وحرص بعضهم حتى تلف كثير من تلك الكتب والدواوين ، ولعلّ الجهل والحرص لم يختصّا ببلاد دون اُخرى ، فهناك الكثير من التراث العلمي والأدبي قد ضاع في كثير من البلدان لهذا السبب أيضاً .
وبالرغم من كلّ هذا فقد وقفت في إحدى سفراتي الى بلاد الأحساء على مجموعة لا بأس بها من الآثار الأدبيّة والدواوين الشعريّة لبعض الشعراء هناك ، وقد نقلت كثيراً من القصائد والمقاطيع الشعريّة وبعض البنود ، وقد استنسخت بعض الدواوين بكاملها ، من ذلك ديوان الشيخ محمد البغلي من شعراء القرن الثالث عشر . . . وكثير من شعراء هذا القرن والقرن الذي قبله ، وممّن نقلت كثيراً من قصائده و تخاميسه وتشطيره الشيخ عبد الله الصايغ ، كما نقلت له ملحمة مطوّلة في المعصومين الأربعة عشر ، تبلغ ١٥٢٦ بيتاً حسب تعداد الشاعر لأبيات تلك الملحمة ، وإن كان الذي وقفت عليه من أبيات تلك الملحمة يربو على هذا العدد بمائة بيت تقريباً .
وقد جارى فيها الشاعر قصيدة الملّا كاظم الاُزري ، وقد
أشار الشاعر المذكور و أشاد بأفضليّة السبق له عليه ، وقد نقلتها عن نسختين مخطوطتين موجودتين لدى بعض المؤمنين في الأحساء ، وقد شرحت بعض كلماتها اللغويّة ، وها أنا أغتنم هذه الفرصة