بسند آخر ، غير هذا السند الضعيف ، توضيح ذلك :
قال اللكهنوي : قولهم : « هذا حديث ضعيف » فمرادهم أنّه لم تظهر لنا فيه شروط الصحة ، لا أنّه كذب في نفس الأمر ، لجواز صدق الكاذب ، وإصابة من هو كثير الخطأ ، هذا هو القول الصحيح الذي عليه أكثر أهل العلم ، كذا في شرح الألفيّة للعراقي ، وغيره (٥٠) .
وقال أيضاً : كثيراً ما يقولون « لا يصحّ » و« لا يثبت هذا الحديث » ويظنّ منه من لا علم له : أنّه موضوع أو ضعيف ، وهو مبنيّ على جهله بمصطلحاتهم ، وعدم وقوفه على مصرّحاتهم ، فقد قال عليّ القارئ : لا يلزم من عدم الثبوت وجود الوضع (٥١) .
وقال الدكتور عتر : قد يضعف السند ويصحّ المتن ، لوروده من طريق آخر . . . إذا رأيتَ حديثاً بإسناد ضعيف ، فلك أن تقول : « ضعيف بهذا الإسناد » وليس لك أن تقول : « هذا ضعيف » كما يفعله بعض المتمجد هين في هذا العلم الشريف ، فتعيّن به ضعف متن الحديث ، بناءً على مجرّد ضعف ذلك الإسناد ! ؟ فقد يكون مرويّاً بإسناد آخر صحيح ، يثبت بمثله الحديث (٥٢) .
إذن فليس كلّ حديث ضعيف السند باطلاً ، موضوعاً ، ضعيف المتن ، بل هناك فرق بين ما يكون إسناده ضعيفاً وبين ما يكون متنه ضعيفاً ، وبين الحديث المتروك والحديث الموضوع ، ومحلّ التفصيل هو علم المصطلح أو « دراية الحديث » .
وقد قرّر علماء الدراية والمصطلح طرقاً يعرف بها أيّ الأحاديث الضعيفة السند لا يمكن الأخذ بها ؟ وأيّها يؤخذ بها من وجوه اُخر ؟
قال النووي والسيوطي ـ وقد جمعنا بين كلامهما متناً بين الأقواس وشرحاً خارجها ـ : إذا ورد الحديث من وجوه ضعيفة ، لا يلزم أن يحصل من مجموعها حسن .
[ والمراد من قوله : ( لا يلزم . . . ) أنّه ليس ضروريّاً لصيرورة الحديث الضعيف حديثاً حسناً أن يلتزم بأنّ الأسانيد تقوّي بعضها بعضاً ، وليس بحاجة الى كثرة فيها ، حتى تصل الى درجة الحسن ، بل يكفي الأقلّ من ذلك ، كطريق واحد آخر ، كما يشرحه
____________________________
٥٠ ـ الرفع والتكميل في الجرح والتعديل ( ص ١٣٦ ) .
٥١ ـ المصدر السابق ( ص ١٣٧ ) .
٥٢ ـ منهج النقد في علوم الحديث ( ص ٢٩٠ ) .