الصليبيّ بعد طرابلس مباشرة التي سقطت سنة ١١٠٨ بيد" وليم جوردان" ، وحكمت أنفه عائلة رينوار ثمّ انتزعها منها كونت مالطا الجنوي. وقد بنى الصليبيّون حصنا في أنفه كمركز مراقبة وحماية. وفي الحقبة الصليبيّة استوطن أنفه وعموم الكورة عائلات أرثذوكسيّة. وتحدثّت المصادر التاريخيّة عن أنّ موارنة بشرّي ومسيحيّي الكورة ومعظمهم من الملكيّين الأرثذوكس ، تعاونوا مع القوّات التركمانيّة بقيادة" بزواش" عندما انطلق هذا الأخير بقوّاته من دمشق إلى طرابلس سنة ١١٣٧ ، وهزم جيش الكونتيّة على مقربة من قلعة الحجّاج حيث قتل" بونس" الصليبيّ سيّد طرابلس ، فانتقم منهم ولده" ريموند الثاني" إذ هاجم المناطق الجبليّة القريبة من طرابلس واعتقل عددا كبيرا من المسيحيّين موارنة وملكيّين مع زوجاتهم وأطفالهم ، ونقلهم مقيّدين بالسلاسل إلى طرابلس حيث أنزل بهم مختلف أنواع التعذيب حتّى الموت ، على مرأى من أهالي المدينة.
في العهود المملوكيّة التي تلت العهد الصليبي تعرّضت المنطقة للكثير من التهجير والتدمير ، ولم يعد الاستقرار النسبيّ إليها إلّا بعد الفتح العثمانيّ.
عملت العائلات التي سكنت أنفه في زراعة الأرض وفي صيد الأسماك واستخراج الملح منذ توطّنها فيها ، ومنذ أوائل القرن العشرين هاجر بعض أبنائها إلى بلدان الانتشار حيث حقّقوا نجاحات باهرة. والمقيمون منهم اتّجهوا بأكثريّتهم نحو تحصيل العلوم العالية ، وقد تقدّمت أنفه بشكل لافت ، وقد أعطت أجيالا من كبار رجال الدين وأصحاب المهن الحرّة والاختصاصات العالية ورجال الأعمال البارزين وكبار الموظّفين والسياسيّين ، وفيها عدد كبير من المحال التجاريّة المتنوّعة الأصناف ، ومن المؤسّسات السياحيّة البحريّة الناجحة ، إضافة إلى كامل التجهيزات المدنيّة والاجتماعيّة.