يعقوب أن يرحل وقومه إلى مكان أكثر موافقة لسكنهم ومواشيهم ، فطلب إليه نسيبه ومضيفه عسّاف أبو جرجس المعلوف أن يبقى هناك ، ونصحه بأن يشتري أرضا ويسكن فيها ، وأخذه وسار به إلى الوادي حيث عرّفه برجل يسكن فيها ، يدعى أسعد بن رشيد بن طانيوس بن شحادة بن شعيا بن سمعان بن عبد الله المرّ ، وهذا كان قد ترك بلاد صافيتا وجاء بلدة إدّه (البترون) ، ثم حضر إلى هذا الوادي وسكن فيه قبل ذلك التاريخ بسبع سنوات ، وكان له يومها أربعة ذكور ، وإبنة ، أمّا أولاده الذكور فهم : طانيوس وجرجس ومنصور ورامح.
تعارف المرّ والصليبي ، فسأل يعقوب مضيفه عمّا إذا كان في جواره أرض يشتريها ، فأخبره أنّ في الجبل أرض واسعة كثيرة المياه ، خصبة التربة ، كان اسمها قديما" غيض الفوّار" ، والآن اسمها بتغرين ، يسكنها رجل اسمه سويد ، أتى وأولاده مكنّى وسمعان وأسعد من قرية الخيام قرب مرجعيون ، بجانب جبل حرمون ، وهو أرثذوكسيّ المذهب ، وقطن فيها. واتفق يعقوب مع سويد على شراء الأرض بعد أن تأكّد من خصوبتها وجودة مراعيها ، وكان مع يعقوب ابنا عمّه أسعد وهارون ، فرجع الثلاثة إلى كفر عقاب ، وأحضروا عيالهم وطروشهم وسكنوا في بتغرين ، وإذ لم يكن فيها كنيسة ، ولا كاهن ، بنى يعقوب كنيسة ، وكان كاهن كفر عقاب الخوري الياس الزمّار ، يقيم الخدمة الإلهيّة تارة في كفر عقاب ، وتارة في بتغرين ، ودام هذا الحال مدّة عشرين سنة. وعندما توفّي الأب الياس ، أقام سكّان بتغرين كاهنا هو مرعي بن يوسف بن بطرس الصليبي ، فدعي أنطونيوس ، وخدم بتغرين وكفر عقاب عشر سنوات ، ومات بلسعة حيّة بينما كان ذاهبا لزيارة أنسبائه في مجدل ترشيش ، إذ كان يعقوب قد ابتاع أرض المجدل ، وسكن فيها سمعان وعازار ولدا يوسف بطرس ومعهما أسعد إبن عمّ يعقوب أخي هارون.