الطبيعي وجماله الذي لا يزال ظاهرا على أشجاره المتوسّطة العمر والقديمة ، نوع من الشعور بالاعتزاز في قلوب اللبنانيّين ، وهم يشعرون بالخشوع أمام هذه الغابة التي ملأ ذكرها التاريخ والكتب المقدّسة بدءا من التوراة. فمن خشب الأرز الممتاز كان اللبنانيّون القدماء يصنعون مراكبهم التي شقّوا بها عباب اليمّ إلى الأقطار في ذلك الزمن السحيق ، وقد تغنّى شعراء وأنبياء ومؤرّخون بجودة خشب الأرز وطيب رائحته وصلابته وبارتفاع الأرز وجماله وضخامته وقدمه ، ولطالما كانت شجرة الأرز في نظر المؤرخين الدينيّين أشرف الأشجار على الإطلاق ، وملكة المملكة النباتيّة ، وقد ذكرها سليمان الحكيم بإجلال ودوّنت عنها الأسفار والمزامير (سفر الملوك الأوّل ، ٤ : ٣٣ ؛ سفر القضاة ، ٩ : ١٥ ؛ سفر الملوك الثاني ، ١٤ : ٩ ؛ المزمور ٢٩ :٦ ؛ المزمور ١٠٤ : ١٦) ما هو في نظر الأنبياء الرمز الخاص للعظمة والبهاء والجلال ، لذلك كان الملوك والأشراف من أركان مجتمع العهد القديم يلقّبون بارز لبنان (سفر إشعيا ، ٢ : ١٣ ، ١٤ : ٨ ، ٣٧ : ٢٤ ؛ سفر إرميا ، ٢٢ :٢٣ ؛ سفر حزقيال ، ١٧ : ٢٢ ؛ سفر زكريّا ، ١١ : ١) ، ومن هذا المنطلق وصف حزقيال عظمة الأشوريّين بأرز لبنان (سفر حزقيال ، ٣١ : ٣ ـ ٩). وقد اعتبر خشب الأرز أثمن الأخشاب طرّا لصلابته واحتفاظه بديمومة أدهشت الباحثين بحيث أنّ أخشابه المقطوعة منذ ٠٠٠ ، ٤ آلاف سنة لا تزال تحتفظ برائحتها الزكيّة ونضارتها ، وقد عثر في الحفريّات التي أجريت في مدينة نينوى على جسر من الأرز عندما أحرقوا منه شظيّة وجدوا أنّه لا يزال يحتفظ بعبيره بعدما مرّ على طمره في الأرض ما يزيد على ٥٠٠ ، ٢ سنة. وفي أهرام الجيزة بمصر لا تزال دعائم الأرز محافظة على صلابتها وعلى بناء الهرم الأكبر بالذّات. وفي قناة باكيش فوق بسكنتا كشفت الحفريّات صدفة عن شجرة أرز مطمورة تحت التراب منذ آلاف السنين لا تزال