العصور المتوسّطة كانت البيوت الخاصّة في صيدا وربّما في صور وغيرها من المدن الفينيقيّة كما يظهر ، تسقف وتزيّن وتزخرف بخشب الأرز. ويذكر د. فيليب حتّي أنّ أقدم سائح أتى على ذكر غابة أرز بشرّي رجل فرنسيّ زارها أواسط القرن السادس عشر ، ويظهر أنّ أشجار الأرز الباسقة التي تشبه الأرز الذي بنى به سليمان هيكله تركت في نفسه أحسن انطباع. وزار الأرز أيضا عالم نباتيّ ألماني سنة ١٥٧٣ فقال إنّه لم يعثر على أكثر من ٢٤ شجرة. أمّا جيروم دنديني القاصد الرسولي اليسوعي لدى البطريرك الماروني ١٥٩٥ ـ ١٥٩٦ فيقول في كتابه" رحلة في جبل لبنان" إنّه لم يستطع أن يحصي أكثر من ٢٣ شجرة. وقد جاء على ذكر هذا العدد أيضا سائح فرنسيّ آخر هو دارفيو الذي زار الغابة سنة ١٦٦٠. وهناك سائح آخر اسمه ويليم ليتغوف زار الأرز قبل هذا الأخير ببضع سنوات فلم يجد سوى ٢٤ شجرة من شجرات الأرز التي" هي تاج الغابات والأحراش" ، والتي" رؤوسها تعانق السحب وتختال بارتفاعها هازئة بأطول الأشجار وأرفعها". وفي أوائل القرن الثامن عشر ذكر" دي لاروك" أنّ هناك ما يقرب من إحدى وعشرين شجرة أرز" من تلك الأشجار الهائلة". غير أنّ" فولني" الذي زار الغابة عام ١٧٨٤ لم يبد أيّ اهتمام بها ، فقد ذكر أنّ أربعا أو خمسا منها تسترعي الانتباه. أمّا" بوركهارت" العالم السويسري الذي زار الأرز عام ١٨١٠ فقد أحصى إحدى عشرة أو اثنتي عشرة شجرة من الأشجار القديمة جدّا ، وخمسا وعشرين شجرة كبيرة جدّا ، وخمسين من ذوات الحجم المتوسّط ، وأكثر من ٣٠٠ شجرة أصغر حجما وأقلّ عمرا. وهناك عالم أوروبيّ أخر جاء عام ١٨٨٤ وأحصى ٣٩٧ شجرة. وذكر مبشّر أميركيّ زار الغابة قبل هذا الأخير بسنة أنّ هناك ٣٩٠ شجرة أرز ، عشرّ منها أو اثنتي عشرة عظيمة الجذوع ، غير أنّ ارتفاع أطولها لا يزيد على ٨٠ قدما. وفي أواخر سبعينات القرن التاسع