الغاية فانصرفت عن الثناء عليك الى الدعاء لك ، ووكلت الاخبار عنك الى علم الناس بك.
وما أقول فى رجل اقرله اعداؤه وخصومه بالفضل ، ولم يمكنهم جحد مناقبه ، ولا كتمان فضائله ، فقد علمت انه استولى بنو امية على سلطان الاسلام فى شرق الارض وغربها ، واجتهد وابكل حيلة فى اطفاء نوره والتحريض عليه ووضع المعايب والمثالب له ، ولعنوه على جميع المنابر (٥) وتوعد وامادحيه بل حبسوهم ، وقتلوهم ومنعوا من رواية حديث يتضمن له فضيلة أو يرفع له ذكرا ، حتى حظروا ان يسمى احد بأسمه فما زاده ذلك الارفعة وسموا ، وكان كالمسك كلما ستر انتشر عرفه ، وكلما كتم تضوع نشره ، وكالشمس لا تستر بالراح ، وكضوء النهار ان حجبت عنه عين واحدة أدركته عيون كثيرة.
وما أقول فى رجل تعزى اليه كل فضيلة وتنتهى اليه كل فرقة ، وتتجاذبه كل طائفة ، فهو رئيس الفضائل وينبوعها وابو عذرها وسابق مضمارها ومجلى حلبتها كل من بزغ فيها بعده ، فمنه أخذ وله اقتفى وعلى مثاله احتذى.
وما أقول فى رجل تحبه اهل الذمة على تكذيبهم بالنبوة وتعظمه الفلاسفة على معاندتهم لاهل الملة ، وتصور ملوك الفرنج والروم صورته فى بيعها وبيوت عباداتها حاملا سيفه مشمر الحربه ، وتصور ملوك الترك والديلم صورته على أسيافها كان على سيف عضد الدولة بن بويه ، وسيف أبيه ، ركن الدولة صورته ، وكان على سيف ألب ارسلان وابنه ملكشاه صورته كأنهم يتفألون به النصر والظفر.
وما أقول : فى رجل أحب كل واحد ان يتكثر به ، وود كل احد ان يتجمل ويتحسن بالانتساب اليه ، حتى الفتوة التى أحسن ما قيل فى
__________________
(٥) قال الرهنى : لعن على بن ابى طالب رضى الله عنه على منابر الشرق والغرب ولم يلعن على منابر سجستان الامرة ، وأى شرف أعظم من امتناعهم من لعن اخى رسول الله صلى الله عليه وسلم على منبرهم وهو يلعن على منابر الحرمين مكة والمدينة. معجم البلدان ٣ : ١٩١.