على ذلك يفيد القطع ، كما في الظّلم والعدوان ، وحسن العدل والإحسان ، لعدم دليل على كون غير المقطوع به دليلا للشّرع بالخصوص.
ودعوى قطعيّته من حيث عدم كون التصرّف في مال الغير مانعا وإن كان يمكن ، لكن دعوى عدم مضرّة مفسدة أخرى محتملة فيه بعنوان القطع في ما ينفعنا اليوم ـ أعني بعد ثبوت الشّرع وبعث النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ونصب الأوصياء ـ من ثمرات هذه المسألة ، مشكلة (١) ، إذ المفروض أنّ كثيرا ممّا يشتمل على المنفعة الخالية عن المضرّة في عقولنا قد نهى عنها الشّارع ، وصار ذلك كاشفا عن قبح واقعيّ ، ويحتمل فيما لم نقف فيه على نهي أن يكون مثل ذلك وعدمه مظنون لا مقطوع به.
فالاعتماد إذا إمّا باستصحاب الإباحة السّابقة على بعث النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم وورود الشّرع في الجملة ، أو باستصحاب عدم ورود النّهي بذلك ، أو بالظنّ الحاصل بملاحظة محض أنّه منفعة خالية عن المضرّة ، لا مؤاخذة فيه.
وكيف كان ، فالحكم بالإباحة في مثل ذلك في أمثال زماننا ، من الظنيّات ، والدليل عليه ظنّي ، فكيف يقال : إنّها ممّا يستقلّ بحكمها العقل بعنوان القطع.
نعم ، يمكن أن يقال : لمّا كان العمل بظنّ المجتهد ممّا يستقلّ به العقل بعنوان القطع لانسداد باب العلم وانحصار المناص في الظنّ وذلك من جزئيّاته ، فمن هذه الجهة يصير من جملة ما يستقلّ به العقل.
ومن ذلك ظهر أنّ ما يقال : إنّ التكلّم في هذا القسم من الأدلّة العقليّة قليل الجدوى لعدم انفكاك ما استقلّ به العقل من الدّليل الشرعي عليه ، كما يلاحظ في
__________________
(١) خبر للدعوى.