وذهب الأشاعرة إلى أنّه لا حكم لها.
والمراد بالوقف : أنّا نجزم أنّ هناك حكما ولم نعلم أنّه إباحة أو تحريم.
والفرق بين المتوقّف والحاظر أنّه يجزم بالحرمة فيكفّ عنه لأجل الحرمة ، والمتوقّف يكفّ عنه خوفا عن الوقوع في الحرام.
بقي الكلام في معنى : قبل الشّرع ، والمراد به قبل وصول الشّرع إليه ، سواء كان ذلك في زمان الفترة ، أو في وقت اضطرار المكلّف وانقطاعه بسبب حبس أو مانع أو نحو ذلك(١).
ولا ينافي ذلك عدم خلوّ زمان من الأزمنة عن نبيّ أو وصيّ أو حافظ للشريعة على أصولنا ، ولا ما ورد بأنّ جميع الأحكام صدر عن الله تعالى وهو مخزون عند أهله ، فإنّ من المعاين المحسوس أنّ ذلك بحيث يمكن وصوله إلى كلّ أحد من المكلّفين مع أنّ بيان الأحكام تدريجيّ.
نعم ، بعد ما وردت (٢) الأحكام الشرعيّة وظهر لنا حرمة بعض الأشياء التي لم تدرك عقولنا حرمتها ، ووجوب بعض آخر كذلك ، فلا يجوز الاعتماد على ذلك الأصل حتى يقع التتبّع التّام كما في كلّ ما لا نصّ فيه ، فإنّه لا يجوز التمسّك بأصل البراءة أوّلا حتى يحصل الظنّ بعدم المعارض كما سيجيء إن شاء الله تعالى (٣).
ثمّ إنّ القول : بأنّ كلّ ما فيه منفعة خالية عن المضرّة قبل ورود الشّرع ممّا يستقلّ بحكمه العقل على القول بالإباحة والحظر ، إنّما يتمّ أن لو قلنا بأنّ الدليل
__________________
(١) في نسخة الأصل (ورد).
(٢) يبدو أنّه أتى على تبيينها لوجود كلام فيها ، وقد فصّله في «الفصول» ص ٣٥٠ ، واعتبر انّ حمل المصنّف له لا وجه له.
(٣) في مبحث البراءة الآتي.