عن الجميع ، فبطلانه واضح ، لمنع حرمة ما لم يعلم حرمته ، ونجاسة ما لم يعلم نجاسته.
بيان ذلك : أنّ اتّصاف الأعيان بالحلّ والحرمة والنجاسة والطهارة يرجع الى ملاحظة حال فعل المكلّف ، وإن كان الحكمة الباعثة للحكم كامنة في تلك الأعيان ، فالأعيان وإن اتّصفت بذاتها من جهة تلك الحكمة بالحرام والنجس مثلا من دون تقييد بالعلم والجهل ، ولكن اتّصافها بهما من جهة ملاحظة إضافة فعل المكلّف إليها لا يكون إلّا في صورة العلم.
هذا مع أنّه يرد على ذلك النقض بغير المحصور ، فإنّ الحرام والنجس فيها أيضا يقينيّ والتمسّك بلزوم العسر والحرج لا يثبت الحلّ والطهارة ، بمعنى ترتّب جميع آثارهما ، سيّما بحيث يصير قاعدة كلّيّة مثبتة للحكم مطّرد ، لأنّ مقتضى ذلك الحكم بطهارة صحراء وسيع الفضاء الذي تنجّس بعضه ولم يعلم محلّها لمن يزاولها بالرّطوبة ويحتاج الى مزاولتها ، ولا حرج على من لا يزاولها ولا يحتاج إليها في الاجتناب عنها ، وليس تطهير عضو منه إذا اتّفق مباشرته عسرا وحرجا ، كما لا يخفى.
وقد يكون اجتناب الثوبين اللّذين أحدهما نجس حرجا عظيما ، كما لو احتاج الى لبس أحدهما في السّفر في أيّام الشّتاء ووقوع المطر ، فإن كان لزوم العسر يوجب الحكم بالطهارة ، فاحكم هنا بالطهارة.
وكذلك الكلام في الاضطرار الى أكل الميتة وشرب الماء النجس ، فإنّ الاضطرار والعسر والحرج لا يوجب الحكم بالطهارة.