المعقولات والمحسوسات من جهة ما هي محسوسات محال .
والثاني هو أن يكون ذلك القائم بنفسه غير ذي وضع ، وهو أيضاً محال ، لأنه قول بالمثل الإلٰهية .
واما إن كان ذلك الخارج المطابق به متمثّلاً في غيره فينقسم أيضاً الى قسمين ، وذلك لأن ذلك الغير إما أن يكون ذا وضع أو غير ذي وضع ، فإن كان ذا وضع كان المتمثّل فيه مثله ، وعاد المحال المذكور فيبقى القسم الآخر ، وهو أن يكون متمثّلاً في شيء غير ذي وضع .
ثم نقول : ذلك المتمثّل فيه لا يمكن أن يكون بالقوة ، وإن كان بعض ما في الأذهان بالقوة ، وذلك لامتناع المطابقة بين ما هو بالفعل أو يمكن أن يصير وقتاً ما بالفعل ، وبين ما هو بالقوة . وأيضا لا يمكن أن يزول أو يتغيّر أو يخرج الى الفعل بعد ما كان بالقوة ، ولا في وقت من الأوقات ، لأن الأحكام المذكورة واجبة الثبوت أزلاً وأبداً ، من غير تغيير ، واستحالة ، ومن غير تقييد بوقت ومكان ، فواجب أن يكون محلها كذلك ، وإلّا فأمكن ثبوت الحال بدون المحل .
فإذاً ثبت وجود موجود قائم بنفسه في الخارج غير ذي وضع ، مشتمل بالفعل على جميع المعقولات التي لا يمكن أن يخرج الى الفعل ، بحيث يستحيل عليه وعليها التغيير والإستحالة والتجدّد والزوال ، ويكون هو وهي بهذه الصفات أزلاً وأبداً .
وإذا ثبت ذلك فنقول : لا يجوز أن يكون ذلك الموجود هو أول الأوائل ، أعني واجب الوجود لذاته عزّت أسماؤه .
وذلك لوجوب اشتمال ذلك الموجود على الكثرة التي لا نهاية لها بالفعل ، وأول الأوائل يمتنع أن يكون فيه كثرة ، وأن يكون مبدأ أولاً للكثرة ، وان يكون محلاً قابلاً لكثرة تتمثّل فيه .
فإذاً ثبت وجود موجود غير الواجب الأول تعالى وتقدّس بهذه الصفة ونسمّيه بعقل الكل ، وهو الذي عبّر عنه في القرآن المجيد ، تارة باللوح المحفوظ ، وتارة بالكتاب المبين ، المشتمل على كل رطب ويابس ، وذلك ما أردنا بيانه . والله الموفق والمعين » .
أقول : قوله : « إنا لا نشكّ في كون الأحكام اليقينية .
. . » فلها نفسية ، وما هي إلّا العلوم والأنوار الوجودية في كلّ موطن ونشأة على سبيل الحقيقة والرقيقة ،