فالحقيقة هي النشأة العالية ، والرقيقة هي النشأة الظلّية .
قوله : « بين شيئين متغايرين بالتشخص » ، والتحقيق إنّ التغاير إنما بحسب الحقيقة والرقيقة ، وقد دريت ان الأسماء موضوعة للمعاني ( النفس الأمرية ) ثم يطلق على مراتب تنزّلاتها . فتبصر !
قوله : « وهو أيضاً محال لأنّه قول بالمثل الإلٰهية » ، القول بالمثل الإلهية حقّ على ما حقّقنا البحث عنها في رسالتنا فيها ، وإن هي إلّا الأسماء الكلّية المسمّاة بالخزائن الإلٰهية ونحوها من الأسماء الحسنى لا كما توهموها وتفوّهوا ببطلانها .
قوله « باللوح المحفوظ » ، بل الحق ان كل مرتبة عالية من الوجود الصمدي ـ الذي هو الأول والآخر والظاهر والباطن ـ قلم ، ومرتبته الظلّية لوح . والكتاب المبين له مراتب ومظاهر ، ولا ننكر ان الحقائق النورية العلمية لها نفسية في كل واحد منها بحسبها . والمطابقة ، والصدق والحق على أصالتها باقية أيضاً بحسبها ، فإنّها سنّة الله « فَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلًا وَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلًا » (١٥) .
واما قول العلّامة الحلِّي : « وقد كان في بعض أوقات استفادتي منه ـ الى قوله ـ فلم يأت فيه بمقنع ، ( وفي بعض النسخ : بمشبع ) » ، فقد قال المتألّه السبزواري عند نقل صاحب الأسفار هذا المطلب من هذا الكتاب ، أعني كلام العلّامة في شرح التجريد ، ما هذا لفظه :
« قوله : ( فلم يأت بمشبع ) ، لعلّ الوقت لم يكن مقتضياً للإشباع في إفشاء بعض الأسرار كما ستسمعه من المصنف في محلّه ، وإلّا فالمحقّق الطوسي أجلّ شأناً من أن يعجز ذلك » (١٦) .
وأقول : ما أفاده المتألّه السبزواري حري بالمحقّق الطوسي ، ولا ينبغي أن يعتري جلالة شأنه في حلّ دقائق الحقائق الحكمية وغيرها من غوامض الفنون الاُخرى دغدغة ومجمجة .
ثم إنّا نأتي بطائفة مما حررناه في تعاليقنا على تمهيد القواعد في شرح قواعد التوحيد ـ للمحقّقين التركة وابن التركة ـ ثم نتبعها بما حقّقه العارف القيصري في
____________________________
(١٥) فاطر : ٤٣ .
(١٦) التعليقة على آخر الموقف التاسع من إلهيّات الأسفار ٣ : ١٧٢ ، الطبعة الاُولى .