شرحه على فصوص الحكم ، وصدر المتألّهين في الموضع المذكور من الأسفار وغيرهما في نفس الأمر ، ونحقّق الحق بحول من بيده الخلق والأمر فنقول :
إنّ ما يتصوره العقل من الماهيات : قسم منها ما لا يكون لها تحقق إلّا بحسب الفرض العقلي ، وهذا القسم في نفسه قابلاً لأن يلحقه الوجود ولا تتفرّع عليه مسائل علمية أبداً ، ولا يستنبط منها أحكام وأحوال واقعية ، ولا وجود لها إلّا في القوى المدركة فقط ، كالنسب والإضافات الإعتبارية المحضة مثلاً ، والصور المختلقة التي من مخترعات الوهم ، ودعابات الخيال ، وتلفيقات المتصرفة كأنياب الأغوال ، والإنسان ذي القرون والأذناب ، وهذا القسم يسمّى عند المحقّقين من أهل التوحيد بالوجود الفرضي ، والاُمور الإعتبارية معروضاتها ، فالفرض بمعنى الفرضيات المحضة والإعتباريات الصرفة التي أبت عناية الفاعل الحكيم أن تكسوها خلعة الوجود ، لعدم قابليتها ، لالنقص الفاعل ، فإنّه على كل شيء قدير .
وبذلك يعلم أنّ ما ذهب إليه الشيخ الإشراقي السهروردي في آخر المقالة الرابعة من حكمة الإشراق ، وكذا القطب الشيرازي في شرحه (١٧) ، من إثبات العالم المثال المنفصل بطريق الصور الخياليّة ، خال عن التحقيق ، وإلّا يلزم القول بإسناد اللغو والعبث الى فعله سبحانه ، وإن كنا نعقد بذلك العالم ، أعني المثال المطلق المنفصل ، نزولاً وصعوداً بطرق اُخرى مبرهنة في رسالتنا في المثال .
ولنعد الى ما كنا فيه فنقول :
هذا القسم ، أي الوجود الفرضي ، ممّا لا يبحث عنه في العلوم الحقيقية لأنها ناظرة الى معرفة الموجود الحقيقي ، وباحثة عنه وهذا لا حقيقة له .
وقسم منها ما يكون لها تحقق خارج الفرض والإعتبار ، أي لا يكون من الوجود الفرضي بمعنی القسم الأول ، بل هو متحقّق مع قطع النظر عن ذلك الفرض الإعتباري ، وهذا القسم يسمّى عندهم بالوجود الحقيقي ، والموجود الحقيقي ، والوجود في نفس الأمر ، والموجود في نفس الأمر . وهو إما متحقّق في الخارج عن المشاعر ، أي الخارج عن القوی المدركة ، كالأعيان الموجودة في الخارج ، وإمّا متحقّق في المشاعر ، والقوى
____________________________
(١٧) لاحظ : ص ٧٠ من الطبعة الاُولى .