بالوجودات الأربعة المذكورة ، فتدبّر في قوله سبحانه : « يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ . . . » ، وكما ان الوجود حقيقة واحدة إطلاقية ، ولها درجات بعضها طبيعي ، وبعضها نفساني ، وبعضها عقلي ، وبعضها إلهي ، كذلك جميع شؤونها : النفس الأمرية ، لأنّها أطوار حقيقة ، منتشئة ومنفطرة عن ذات واحدة صمدية سبحانه وتعالى .
نعم ، إنّ نفس الأمر بهذا المعنى لا يصدق عليه سبحانه ، لأنّها كانت عبارة عن العلم الإلهي لصور الأشياء . فالأمر على هذا المعنى في مقابل الخلق من العقل الأول الى الهيولى الاُولى ، لا كما قال المحقّق الشريف : أن يجعل الأمر ها هنا في مقابل الخلق ، ويُراد به عالم المجردات ، كما نقله عنه صاحب الشوارق (٣٦) ، وذلك لأنّ الخلق الإيجاد على تقدير وترتيب ، وأصل الخلق التقدير ، يقال : خلقت الأديم إذا قدرته قبل القطع . والخلق هو المنقوش على الصادر الأول ، وهو فرق الخلق ، وقد حقّقنا البحث عنه في رسالتنا الفارسية المسماة بـ « وحدث از ديدگاه عارف وحكيم » (٣٧) ، فراجع !
فالمجرّدات من الخلق أيضاً والصادر الأول يسمّى في الصحف العرفانية بالنفس الرحماني والنفس الإلهي ، والهيولى الكلّي ، والماء الذي هو أصل كل شيء ، والبخار العام ، والتجلّي الساري ، والرقّ المنشور ، والنور المرشوش ، والخزانة الجامعة ، واُمّ الكتاب المسطور ، والوجود العام ، ومادة الموجودات ، والرحمة العامة ، والرحمة الذاتية ، والإمتنانية ، وصورة العماء ، والوجود المنبسط ، والعنصر ، والعنصر الأول ، وأصل الاُصول ، وهيولى العوالم غير المتناهية ، وأب الأكوان ، واُم عالم الإمكان ، والجوهر الهيولاني وغيرها من الأسامي المذكورة في محالها فراجع الرسالة المذكورة ومصباح الانس (٣٨) .
والصور العلمية تسمّى بالأعيان الثابتة ، وبالفيض الأقدس أيضاً ، أي الأقدس عن أن يكون المستفيض غير المفيض ، والأقدس من شوائب الكثرة الأسمائية ،
____________________________
(٣٦) لاحظ : ص ١١٤ ، الطبعة الاُولى .
(٣٧) لاحظ : ص ٨٤ ـ ٩٤ ، الطبعة الاُولى .
(٣٨) لاحظ : ص ٧٠ ، ١٣٣ ، ١٥٠ ، ١٦١ وكذلك شرح القيصري على الفصّ العيسوي ، واليعقوبي من فصوص الحكم : ٣٣١ و ٣٨٩ ، الطبعة الاُولى .