نفسه كذا ، أو الحقّ تعالى نفسه الأمرية كذا ، ونحوهما من التعبيرات الاُخرى ، وذلك الوجه هو نفس الأمر بمعنى ذات الشيء وحقيقته دون غيره من الوجوه الاُخرى .
وقالوا : إنّ نفس الأمر أعمّ من الخارج مطلقاً ، ومن الذهن من وجه ، إذ كلّ ما في الخارج ، هو في نفس الأمر من غير عكس ، وليس كل ما في الذهن هو في نفس الأمر ، إذا مما هو في الذهن ما هو مجرّد فرض الفارض لا غير ، كزوجية الخمسة ، وليس جميع ما هو في الذهن دون الخارج هو مجرّد فرض الفارض إذ منه ما ليس بفرض فارض كجنسية الحيوان مثلاً ، وبين الخارج والذهن عموم من وجه ، فإنّ إنيّة الواجب ـ مثلاً ـ لا يمكن أن تحصل في ذهن من الأذهان .
وأقول : الخارج في النسبة المذكورة هو الخارج عن وعاء الذهن ، واما الخارج بمعنى خارج الفرض والاعتبار ، فلا يخفى عليك استنباط النسب بين نفس الأمر والخارج والذهن .
ولعلّك تقدر بما قدمناه وحرّرناه أن تعلم ان كينونة الصور الكاذبة المخترعة من اختلاق الوهم والخيال ، أعني العلم بها في المبادیء العالية ، سيّما مبدأ المبادیء ، على أي نحو كانت ، فإنّ العلم بها حاصل لهم بلا امتراء فتدبر . ورسالتنا في العلم مجدية في ذلك جداً ، وراجع في ذلك أيضاً الفصل الثالث من فصول شرح القيصري على فصوص الحكم ـ ص ١٨ ، الطبعة الاُولى ـ .
وقد حان أن نختم الرسالة حامدين لله وليّ الأمر ، وقد فرغنا من تصنيفها وتنميقها يوم الأربعاء الخامس من ربيع الثاني ١٤٠٦ هـ . ق .
« وآخر دعواهم ان الحمد لله ربّ العالمين » .