يصح إطلاق عنوان «الصحيح» عليه ، بل فيها الصحيح والضعيف وإن كان الصحيح قد لا يعمل به ، «الضعيف» قد يعتمد عليه ، كما هو معلوم عند أهل العلم والتحقيق ... وهذه هي نتيجة البحث في هذه الجهة.
ثانيا : في أنه ملتزم بالصحة أولا
قد ينسب إلى الكليني القول بتحريف القرآن بدعوى اعتقاده بصدور ما رواه عن المعصومين عليهمالسلام ، لكن هذه الدعوى غير تامة فالنسبة غير صحيحة ، إذ إن الكليني لم ينص في كتابه على اعتقاده بذلك أصلا ، بل ظاهر كلامه يفيد عدم جزمه به ، وإليك نص عبارته حيث قال : «فاعلم يا أخي أرشدك الله أنه لا يسع أحدا تمييز شئ مما اختلف الرواية فيه عن العلماء عليهمالسلام برأيه إلا على ما أطلقه العالم عليهالسلام بقوله : اعرضوها على كتاب الله فما وافق كتاب الله فخذوه وما خالف كتاب الله فردوه وقوله عليهالسلام : دعوا ما وافق القوم ، فإن الرشد في خلافهم ، وقوله عليهالسلام : خذوا بالمجمع عليه ، فإن المجمع عليه لا ريب فيه.
ونحن لا نعرف من جميع ذلك إلا أقله ، ولا نجد شيئا أحوط ولا أوسع من رد علم ذلك كله إلى العالم عليهالسلام ، وقبول ما وسع من الأمر فيه بقوله عليهالسلام : بأيما أخذتم من باب التسليم وسعكم.
وقد يسر الله وله الحمد تأليف ما سألت وأرجو أن يكون بحيث توخيت « وأشار بقوله هذا الأخير إلى قوله سابقا :
«وقلت : إنك تحب أن يكون عندك كتاب كاف يجمع فيه من جميع فنون علم الدين» (٦٢).
هذا كلامه ـ يرحمهالله ـ وليس فيه ما يفيد ذلك ، لأنه لو كان يعتقد بصدور جميع أحاديثه ـ لما أشار في كلامه إلى القاعدة التي قررها أئمة أهل البيت عليهمالسلام لعلاج الأحاديث المتعارضة وهي عرض الأحاديث على الكتاب والسنة ، كما أشرنا إلى ذلك من قبل.
__________________
(٦٢) الكافي ١ : المقدمة