فلا بد لهم من تقبل نصائح الناصحين ، ونقد الناقدين ـ مهما كان لاذعا ـ إذا كان رافعا لعقبة من العقبات من طريق هذه المهمة الصعبة ، أو دافعا عجلة هذه المهمة الخطيرة إلى الأمام.
وعلى هؤلاء العلماء أن لا يقفوا مكتوفي الأيدي أمام الأعمال الهزيلة التي تصدر باسم التحقيق ، وأن لا يهابوا العناوين والأسماء ، ولا تصدهم التزويقات والأوراق ، فأي كتاب صدر بتحقيق سئ ، أو محرفا أو مصحفا ، فإن المجال للعمل فيه وإخراجه بالشكل الجيد ، وبالتحقيق الرصين ، مفتوح بمصراعيه ، والمجتمعات العلمية تتقبل العمل الجيد وترفض ذلك السئ ، وبذلك يكونون قد أدوا حق التراث ، وصدوا أولئك عن الإقدام بأعمال هزيلة وأجبروهم على تقديم العمل الجيد.
وأخيرا أستميح عذرا هؤلاء وأولئك من المؤسسات ومن المزاولين لعمل التحقيق ، عن هذا الحديث الذي كان نفثة مصدور.
ولقد وقفت خلال بعض المطالعات على هفوات معدودة لعدد من المحققين (٢) أود أن أوردها هنا لتكون مرشدة إلى أهمية العمل ودقته ، وإلى خطورة الهفوات وأثرها المباشر على المعنى المراد.
أوردها معترفا بفضل أولئك المحققين وأعتبر أن عد هذه الأخطاء لا يمسهم ، لأن الجواد قد يكبو ، ولأن الفاضل من تعد أخطاؤه ، وإنما قصدنا من إيرادها مجرد الاعتبار من دون إزاء بأولئك الأساتذة ـ لا سمح الله ـ وإنما اخترناهم لكونهم ـ عندنا ـ في مستوى التحقيق الصحيح ، ولجدارتهم بما قاموا ، وإلا فالأعمال التي تصدر بغير جدارة مليئة بالأخطاء والهفوات الفاحشة.
وفي اختيارنا لأعمالهم تبرير واضح ، وتأكيد على احترامنا لهم.
__________________
(٢) يلاحظ أني اقتصرت على هذه الموارد التي راجعتها فيما يرتبط باهتماماتي ولم أركز على غيرها ، ولا يعني أن ما أوردته عن كتاب معين الانحصار