ولا ندري لماذا لم يتعلم الفارسية من سلمان ، والرومية من صهيب والحبشية من بلال ، فإن كلا منهم كان يجيد هذه اللغات بما لا مزيد عليه؟!
كما لا ندري لماذا لم نجد أية إشارة لكتاب مترجم من هذه اللغات إلى العربية أو من العربية إليها ، أو غير ذلك ، مما يحتاج إلى الترجمة؟!
و : وأخيرا ، فلا ندري ما حاجة النبي ـ صلىاللهعليهوآله ـ إلى الترجمة ، مع أن جمعا من المحققين قد أثبتوا : إن النبي ـ صلىاللهعليهوآله ـ كان يعرف جميع اللغات ، فلا يحتاج إلى مترجم ولا إلى غيره ، وقد كلم سلمان بالفارسية وتكلم بغيرها من اللغات أيضا (٢٦)
ز : وأما قوله في الرواية أمره ـ صلىاللهعليهوآله ـ بذلك حين قدومه المدينة ، ثم روايتهم : إنه كان يكتب في الجاهلية (٢٧) ، فينا فيه قولهم : إنه تعلم الكتابة من أسرى بدر (٢٨)
ملاحظتان :
الأولى : قال العلامة المحقق الشيخ علي الأحمدي المينانجي ، بعد أن تكلم حول معرفته ـ صلىاللهعليهوآله ـ باللغات ، عربيها ، وعجميها ، وأيد ذلك بنقل المؤرخين والمحدثين أنه ـ صلىاللهعليهوآله ـ كان يتكلم مع كل قوم بلسانهم ، قال حفظه الله : «ولكنه ـ صلىاللهعليهوآله ـ كان كتب إلى ملوك العجم كقيصر ، وكسرى ، والنجاشي بلغة العرب ، مع أن الجدير أن يكتب إلى كل قوم بلسانهم ، إظهارا للمعجزة ، واستحداثا للألفة ، فما الوجه في ذلك؟! وأي فائدة في الكتابة بالعربية؟ وأي وازع في الترقيم بالعجمية؟!
والذي يقضي به التدبر ، وينتهي إليه الفكر : أن الفائدة في ذلك هو حفظ شؤون الملة الإسلامية ، وصونا لجانب الاستقلال والعظمة ، ألا ترى أن الأمم الراقية
__________________
(٢٦) راجع التراتيب الإدارية ١ : ٢٠٩ و ٢٠٨ ولعل أحسن من تكلم في هذا الموضوع : العلامة المحقق الشيخ علي الأحمدي في كتابه : مكاتيب الرسول ١ : ١٥ / ١٦ فليراجع
(٢٧) المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام ٨ : ١٢٠
(٢٨) المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام ٨ : ١٣٣ و ٢٩٢.