المسائل الفقهية ، وطعن على الأئمة (١) الأربعة بمخالفتهم نصّ الكتاب وبالغ في هذا أقصى المبالغة ، ولم يبلغني أنّ أحدا من علماء السّنة ردّ عليه كلامه ومطاعنه في كتاب وضعه لذلك ، وذلك الاعراض يحتمل أن يكون لوجهين ، أحدهما : عدم الاعتناء بكلامه وكلام أمثاله لأن أكثره ظاهر عليه أثر المكابرة والتّعصّب ، وقد ذكر ما ذكر في كلام بالغ في الرّكاكة على شاكلة كلام المتعرّبة (٢) من عوام حلة وبغداد وشين الرطانة (٣) وهجنة (٤) العوراء تلوح من مخايله كرطانات جهلة أهل السواد كما ستراه واضحا غير خفيّ على أهل الفطانات.
__________________
(١) ومن نظر وسبر في كلام المخالفين رأى ما أودع فيها من المطاعن في حق أسلافهم فترى الشافعية تطعن في أبى حنيفة وبالعكس ، وكذا أتباع مالك وأحمد والليث والأوزاعي والظاهرية أتباع داود بن على الاصفهانى وغيرهم ، كلما دخلت أمة لعنت أختها. وانظر ما ذكره الخطيب البغدادي في ترجمة أبى حنيفة ترى ما يقضى منه العجب من كثرة المطاعن بحيث دعى بعض الحنفية الى تأليف كتاب في دفع تلك المطاعن وسماه بالسهم المصيب في كبد الخطيب فراجع ، وهكذا ابن حزم في أصوله وابن رشد وابن القيم وغيرهم.
(٢) انظر الى هذا الرجل كيف أساء الأدب بالنسبة الى مولانا العلامة «قد» مع أنه ممن اتفق علماء الفريقين في عصره على جلالة شأنه وكونه من أئمة كلام العرب ومن فرسان مضامير البلاغة والفصاحة ، ويكفى في ذلك ما كتبه البيضاوي صاحب التفسير في كتابه اليه في مسألة من تيقن بالطهارة والحدث وشك في المتقدم منهما والمتأخر وكذا ما ذكره ابن حجر في الدرر وغيرهما من أعلامهم حيث أطنبوا وأطروا في الثناء عليه بما لا مزيد عليه ، ومن رام الوقوف عليها فليراجع كتب التراجم سيما المذكورة فيها رجال القرن الثامن.
(٣) امالة كلام العرب الى طريقة العجم. من الفضل.
(٤) هجنة : بضم الهاء ، ما يعيب الكلام.