أشدّ انطباقا بحال الشّيعة الإماميّة ، فإنّ المتبادر من شأن المقام (١) وتنكير لفظ طائفة ، الطائفة القليلة وقلة فرقة الشّيعة وكثرة جماعة أهل السّنة ظاهرتان.
وأيضا احتمال الخذلان إنّما يناسب الطائفة القليلة التي استمرّت عليها الخوف والتقيّة دون الكثيرين الذين كانوا متكئين دائما على أرائك الأمن (٢) وعزّ الدّنيا الدنيّة ، فحاصل الحديث لا يزال طائفة قليلة من امّتي منصورين بالحجّة والبرهان ، لا يضرّهم خذلانهم في مواقف استعمال السّيف والسّنان وهذا المفهوم المحصل لا مصداق له سوى الاماميّة. وأيضا لو لم يكن المراد بالنّصر الموعود به الأنبياء والأولياء وسائر المؤمنين في القرآن والحديث النّصر بالحجج والبراهين كما ذكرناه ، وقد ذكره المفسّرون ؛ للزم كذب القرآن المجيد ، لأنّ كثيرا من أنبياء بني إسرائيل لم ينصروا في الدّنيا كما روي (٣) من أنّ بني إسرائيل كانوا يقتلون ما بين طلوع الشّمس إلى غروبها سبعين نبيّا ، ثم يجلسون يتحاكون في الأسواق كأنّهم لم يصنعوا شيئا ، وكذلك فعل بحبيب النّجار مؤمن آل ياسين فإنهم وطؤه (٤) حتّى
__________________
(١) اى المقام الذي وردت فيه الرواية المذكورة. منه «قده».
(٢) مأخوذ من قوله تعالى في سورة الدهر الآية ١٤ : (مُتَّكِئِينَ فِيها عَلَى).
(٣)في تفسير ابن كثير (الجزء ١ ص ٣٥٥ ط مصر) في ذيل قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآياتِ اللهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍ) الآية. قال رسول الله (صلعم) مخاطبا لأبي عبيدة : يا أبا عبيدة ، قتلت بنو إسرائيل ثلثة وأربعين نبيا من أول النهار في ساعة واحدة الحديث. وهكذا رواه ابن جرير. وعن عبد الله بن مسعود ، قال : قتلت بنو إسرائيل ثلاثمائة نبى من أول النهار وأقاموا سوق بقلهم.
وفي تفسير الدر المنثور للسيوطي في ذيل الآية ٦١ البقرة : أخرج أبو داود والطيالسي وابن أبى حاتم عن ابن مسعود ، قال : كانت بنو إسرائيل في اليوم تقتل ثلاثمائة مائة نبى.
(٤) بالأرجل وداسوه.