وإن كان متعديا لثلاثة مذكورة فأيها ينوب كذلك (١)؟
خير الآراء وأنسبها : اختيار الأول للنيابة إذا كان هو الأظهر والأبين للقصد مهما كان نوع فعله. لكن لا مانع من تركه ، واختيار غيره ؛ فيكون فى هذا اختيار لغير الأفضل. فإن كان غير الأول هو الأقدر على إيضاح المراد ، وإبراز الغرض من الجملة فنيابته مقدمة على نيابة الأول. ولا بد فى كل الحالات من أمن اللّبس ؛ وإلا وجب العدول عما يحدثه إلى ما لا يحدثه. وفيما يلى أمثلة لأنواع الفعل المتعدى قبل بنائه للمجهول ، وبعد بنائه ، وما يحدث اللبس وما لا يحدثه. فمما لا يحدثه :
(عرف المسترشد الصواب ـ عرف الصواب).
(ظن الجاهل الخفّاش طائرا ـ ظنّ الخفاش طائرا ـ ظنّ طائر الخفاش).
(أعطى الوالد الطفل كتابا ـ أعطى الطفل كتابا ـ أعطى كتاب الطفل).
(أعلمت التاجر الأمانة نافعة ـ أعلم التاجر الأمانة نافعة ـ أعلم الأمانة التاجر نافعة ـ أعلم نافعة التاجر الأمانة).
ولا يصح إنابة غير الأول فى مثل : (أعطيت محمدا فريقا من الأعوان). (منحت الشركة مهندسا). لأن كلا من الأول والثانى يصلح أن يكون آخذا ومأخوذا ؛ فلا يمكن التمييز بينهما عند بناء الفعل للمجهول إلا باختيار أولهما ليكون نائب فاعل ؛ لأن اختياره يجعله بمنزلة الفاعل فى المعنى ؛ فيتضح من تقدمه أنه الآخذ ؛ وغيره المأخوذ. ومثل هذا يقال فى : ظننت الولد الوالد ، حيث يجب اختيار الأول للنيابة لأن كلا منهما صالح أن يكون هو المظنون الشبيه بالآخر. ولا يمنع هذا اللبس إلا اختيار الأول وذلك للسبب السالف ؛ ولا سيما أن الأول هنا أصله مبتدأ ، والمبتدأ
__________________
(١) الخلاف بين النحاة عنيف متشعب فيما يصلح للنيابة عند تعدد المفعول به ، وتباين أوصافه ؛ أهو الأول وحده ، فلا يصح إنابة غيره ، أم الأول وغيره ؛ فيختار واحد بغير تعيين؟ وهل الأول وغيره سواء عند الاختيار ، لا مزية لأحدهما على الآخر؟ وهل بين المفعولين أو الثلاثة ما لا يصلح للنيابة؟ ... و... و...
ولا نريد الإرهاق بسرد أوجه الخلاف ، وأسبابه ، وأدلته كما وردت فى المطولات فليس فى السرد ؛ ما يناسبنا اليوم. وحسبنا أن نستقصى الآراء ، ونستصفى خيرها لنقدمه هنا.