فإن كان المصدر ـ أو اسمه ـ ملازما النصب على المصدرية لم يكن متصرفا ، ولم يصح اختياره للنيابة عن الفاعل ؛ مثل : «معاذ» ؛ فإنه مصدر ميمىّ لم يشتهر استعماله عن العرب إلا منصوبا مضافا (١) فى نحو : معاذ الله أن يغدر الأمين. ومثل : «سبحان» (٢) ؛ فإنه اسم مصدر لم يشتهر استعماله عن العرب كذلك إلا منصوبا مضافا ـ فى الأغلب ـ ، فلو وقع أحدهما نائب فاعل لصار مرفوعا ، ولخرج عن النصب الواجب له ، وهو ضبط لا يصح مخالفته ، ولا الخروج عليه ؛ حرصا على اللغة ، ومحافظة على طرائقها المشهورة.
والمراد بالاختصاص : أن يكتسب المصدر من لفظ آخر معنى زائدا على معناه المبهم ، المقصور على الحدث المجرد ؛ ليكون فى الإسناد إليه فائدة. فالمعانى المبهمة المجردة مثل ؛ قراءة ـ أكل ـ سفر ... و.... وأمثالها ؛ يدل كل منها على معناه الذى يفهم من لفظه نصّا ، دون زيادة شىء عليه ؛ فكلمة : «قراءة» ليس فى معناها الحرفى ما يدل على أنها قراءة سهلة أو صعبة ، نافعة أو ضارة ، ... و «الأكل» ليس فى معناه الحرفى ما يدل على أنه لذيذ أو بغيض ، قليل أو كثير ، حارّ أو بارد ... و «السفر» ليس فى معنى نصه الحرفى ما يدل على أنه سفر قريب أو بعيد ، سهل أو شاق ، مرغوب فيه أو مرغوب عنه ... وهكذا يدل المصدر وحده ـ وكذا اسمه ـ على المعنى المجرد ؛ أى : على ما يسمونه : «الحدث المحض» فمثل هذا المصدر ، أو اسمه لا يصلح أن يكون نائب فاعل ، لأن الإسناد إليه لا يفيد معنى جديدا أكثر من معنى فعله ؛ فكأنه جاء
__________________
ـ عرف كيف جاء على. أى : عرف كيفية مجىء على (راجع ج ١ م ٣٩ ـ هامش ص ٣٧٥ ـ حيث تفصيل الكلام على حالات إعراب : «كيف» وبنائها وقد أشرنا إليه فى رقم ٢ من هامش ص ٥٨ و ٦٤ وهذا يشمل المفعول الثانى لظن وغيرها. أما وقوع الجملة فاعلا فقد سبق الفصل فيه فى ص ٥٦ وأن الأرجح المنع.
(١) «معاذ» فى نحو : معاذ الله أن أنسى الفضل ، مصدر ميمى نائب عن اللفظ بفعله ، (أى : يغنى عن التلفظ بفعله). والأصل أعوذ بالله معاذا. ثم حذف الفعل ، وقام المصدر نائبا عن لفظه ، وأضيف ؛ فصار : معاذ الله. ويعرب مفعولا مطلقا. وستجىء إشارة له فى ص ٢٢٢ م ٧٦ ، ولاستعماله غير مضاف ، لضرورة الشعر.
(٢) اسم مصدر معناه : التسبيح. وفعله : سبّح. وستجىء إشارة له فى ص ٢٢٢ م ٢٢٢ م ٧٦ ولاستعماله فى ضرورة الشعر غير مضاف.