أن تجعل فاعل الفعل الثلاثى مفعولا به (١) ؛ فتنقله من حالة إلى أخرى تخالفها ؛ فتكسب الجملة مفعولا به جديدا لم يكن له وجود قبل دخول همزة النقل على الفعل. أما غير الثلاثى فلا تدخل عليه هذه الهمزة.
ولا يكاد يوجد خلاف هامّ فى أن التعدية بهمزة النقل على الوجه السالف قياسية فى الثلاثى اللازم ، وفى الثلاثى المتعدى بأصله لواحد (٢). إنما الخلاف فى الثلاثى المتعدى بأصله لاثنين ؛ أتكون تعديته بهمزة النقل مقصورة على فعلين من الأفعال القلبية ؛ هما : «علم ـ ورأى» (٣) ـ دون غيرهما من باقى الأفعال القلبية التى تنصب مفعولين ، والتى سبق الكلام عليها (٤) ـ أم ليست مقصورة على الفعلين المذكورين ؛ فتشملهما ، وتشمل أخواتهما القلبية التى مرّت فى الباب السالف؟ رأيان. وتميل إلى أولهما جمهرة النحاة ، فتقصر التعدية على الفعلين المعينين («علم» و «رأى») ولا تبيح قياس شىء عليهما من أفعال اليقين والرجحان وغيرهما ، فلا يصح عندها أن تقول : أظننت الرجل السيارة قادمة ، وأحسبته السفر فيها مريحا. فى حين يصح هذا عند بعض آخر يبيح القياس على الفعلين السالفين ، ولا يرى وجها للتفرقة بينهما وبين نظائرهما من أفعال اليقين والرجحان التى تنصب مفعولين بحسب أصلها (٥).
سواء أخذنا برأى الجمهرة أم بالرأى الآخر ، فالفعل القلبىّ الناصب للمفعولين
__________________
(١) كما سيجىء فى ص ١٥٢ م ٧١. وفى رقم ٢ من ص ١٥٧.
(٢) راجع الأشمونى والصبان ـ ج ١ ـ أول باب : «تعدى الفعل ولزومه».
(٣) سواء أكانت علمية كالأمثلة المذكورة ، أم حلمية ؛ وهى التى مصدرها «الرؤيا» المنامية. كقوله تعالى : (إِذْ يُرِيكَهُمُ اللهُ فِي مَنامِكَ قَلِيلاً ، وَلَوْ أَراكَهُمْ كَثِيراً لَفَشِلْتُمْ ...)
(٤) فى ص ٥. ثم راجع رقم ١ من ص ١٥٧.
(٥) وهذا رأى حسن اليوم ؛ فإنه مع خلوه من التشدد والتضييق ، يساير الأصول اللغوية العامة ، ويلائم التعبير الموجز المطلوب فى بعض الأحيان ، فتقول : أظننت الرجل السيارة قادمة ؛ بدلا من جعلت الرجل يظن السيارة قادمة ، إذ من الدواعى البلاغية ، والاستعمالات اللازمة فى العلوم الحديثة ما قد يجعل له التفضيل. فمن الخير إباحة الرأيين ، وترك الاختيار للمتكلم يراعى فيه الملابسات.