ومن أمثلة تقديم المفعول به على فاعله وحده : الجهل لا يلد الضياء ظلامه ... وقول الشاعر :
أبت لى حمل الضّيم نفس أبية |
|
وقلب إذا سيم الأذى شبّ وقده (١) |
ويفهم من الأقسام السالفة أن المواضع التى يتقدم فيها الفاعل وجوبا ـ هى عينها المواضع التى يتأخر فيها المفعول به وجوبا ، فيمتنع تقديمه على فاعله. والعكس صحيح كذلك ؛ فالمواضع التى يتقدم فيها المفعول به على فاعله وجوبا هى عينها المواضع التى يتأخر فيها الفاعل وجوبا ، ويمتنع تقديمه عليه. وحيث لا وجوب فى التقديم أو التأخير يجوز الأمران ، ولا يمتنع تقديم هذا أو ذاك.
* * *
بقيت مسألة الترتيب بينهما وبين عاملهما. وملخص القول فيها : أنّ الفاعل لا يجوز تقديمه على عامله ـ كما سبق (٢) ـ وأن المفعول به يجب تقديمه على عامله فى صور (٣) ، ويمتنع فى أخرى ؛ ويجوز فى غيرهما.
ـ ا ـ فيجب تقديمه :
١ ـ إن كان اسما له الصدارة فى جملته ؛ كأن يكون اسم استفهام ، أو اسم شرط .. ؛ نحو ؛ من قابلت؟ ـ أىّ نبيل تكرّم أكرّم ... وكذلك إن كان مضافا لاسم له الصدارة ؛ نحو : صديق من قابلت؟ ـ صاحب أىّ نبيل تكرّم أكرّم ...
٢ ـ كذلك يجب تقديمه إن كان ضميرا منفصلا لو تأخر عن عامله لوجب اتصاله (٤) به ؛ كقولهم : «أيها الأحرار : إياكم نخاطب ، وإياكم ترقب البلاد ...» فلو تأخر المفعول به : (إيا) لاتّصل بالفعل ، وصار الكلام : نخاطبكم ... ترقبكم .. ؛ فيضيع الغرض البلاغى من التقديم (وهو : الحصر).
٣ ـ وكذلك يجب تقديمه إذا كان عامله مقرونا بفاء الجزاء (٥) فى جواب
__________________
(١) ناره.
(٢) فى ص ٧١
(٣) وفى هذه الصور يكون متقدما على فاعله أيضا ـ كما أشرنا ـ ؛ إذ لا يمكن أن يتقدم على عامله دون أن يتقدم على فاعله.
(٤) وذلك فى غير باب : «سلنيه» و «خلتنيه» حيث يجوز الاتصال والانفصال مع تأخر المفعول به عن عامله ؛ (كما تقدم فى ج ١ ص ١٧٢ باب الضمير. م ٢٠).
(٥) فى هذا الموضع يصح أن يعمل ما بعد فاء الجزاء فيما قبلها.