من تصرفه جل جلاله في الاشياء بالايجاد والاعدام والقهر والغلبة والامر والنهي كيفما يقتضي حكمته بالهيئة الحاصلة من استقرار الملك بفتح الميم على عرشه ووجه الشبه أن كل واحدة من الهيئتين تدل على الملك والسلطنة التامة ثم أستعير على العرش أستوى الموضوع للهيئة المشبه بها للهيئة المشبهة على طريق الاستعارة التمثيلية وقد تقدم بيان ذلك في اول بحث المجاز المركب مفصلا. فاذا لا تغتر بما في بعض الحواشي من انه ليس المراد انه استعارة تمثيلية أو تشبيه تمثيلي لعدم علاقة التشبيه انتهى.
وقد تقدم هناك أيضا أن المستعار يجب أن يكون اللفظ الذي هو حق المشبه به أخذ منه عارية للمشبه ففيما نحن أخذ ما للمشبه واستعمل حق المشبه به أخذ منه عارية للمشبه ففيما نحن فيه أخذ ما للمشبه به واستعمل في المشبه حسبما بيناه فصار مجازا مركبا واستعارة (كقوله تعالى (وَقالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللهِ مَغْلُولَةٌ) أي هو بخيل بل يداه مبسوطتان أي هو جواد من غير تصور يد ولا غل ولا بسط والتفسير) أي تفسير اليد بالنعمة والتمحل للتثنية) أي تثنية يد في قوله (بَلْ يَداهُ مَبْسُوطَتانِ) بأن يقال مثلا أحدى اليدين النعم الظاهرية والاخرى النعم الباطنية هذا ألتفسير والتمحل من ضيق العطن) العطن المناخ بضم الميم مكان اناخة الابل (ويقال له بالفارسية خوابكاه شتر) وضيق العطن كناية عن عدم فهم المعنى المراد (والمنافرة من علم البيان مسيرة أعوام) حاصلة انه لا يعرف طرق التعبير عن المعنى وانه بعيد عن معرفة ذلك غاية البعد إذ المغنى في المجاز المركب لا يتوقف على ان يجعل للمفردات معنى حقيقي أو مجازي بل المغنى انما يؤخذ من المجموع من حيث المجموع أي من الهيئة الحاصلة من ضم المفردات بعضها الى بعض حسبما بيناه في الآية المتقدمة يظهر كل ذلك مما