في كربلاء
ومنذ حل اصطهبانات عزم على مغادرة بلاد إيران ، وصمم على المقام بالعراق حيث الأعتاب المقدسة ، ومنبثق أنوار العلم والفضيلة ، فأخذ في تمهيد مقدمات سفره ، فغادر بلاد إيران ويمم العراق ، فالقى رحله في كربلاء المشرفة ، موطنه الأخير ومستقره الأبدي وانا لم نقف على تاريخ هبوطه كربلاء إلا ان الذي يظهر من تاريخ بعض تآليفه انه حل بها قبل عام ١١٦٩.
وقد حل شيخنا المؤلف بالحائر المقدس حين كانت تلك البلدة القدسية من أكبر معاهد العلم للشيعة ، وكانت تضاهي النجف الأشرف بمعاهدها الدينية وأعلامها الافذاذ ، حل بها على عهد زعيمها الأوحد الأستاذ الأكبر معلم البشر شيخنا الوحيد البهبهاني (قدسسره) مجدد المذهب في القرن الثالث عشر. فكانت كربلاء على عهد هذا الزعيم العظيم في الغارب والسنام من المجد والعظمة ، فقد بلغت ذرى عزها الشامخ ، وتسامى شرفها الباذخ ، حيث كانت آنذاك مفعمة بالأوضاح والغرر من صيارفة العلم ونقاد الفضيلة ، طافحة بأعلام الأمة ورجالات الدين ، محتشدة بكبار المجتهدين وافذاذ المحققين ، ممن انعقدت عليهم تيجان العلم. ورفت عليهم ألوية الفضيلة ، وخفقت عليهم بنود الكمال.
ولقد كان لشيخنا المؤلف حينئذاك صيت شامخ دوي في العالم ذكره ، فملأت الإرجاء شهرته الطائلة ، لما ذاع وشاع بين الملأ الديني من آثاره القيمة ومآثره الخالدة وأسفاره الثمينة ، فعرفته الأوساط العلمية وأقرانه من اعلام عصره بعلمه الغزير ، وأدبه الجم ، وتضلعه في العلوم ، وتبحره في الفقه والحديث ، وانما يعرف الفضل ذووه.
ولذلك لما هبط كربلاء رحب بقدومه أعلامها ، وسر به فطاحلها ، فتوسط أندية العلم وحلقات التدريس ، وانضوى اليه عير يسير من أولئك الافذاذ يرتشفون من بحر