الا من مبلغ عصر الشباب |
وشبانا به كانوا صحابي |
وهي قصيدة طويلة مثبتة في كشكوله ج ٢ ص ٢٣٧ ننتخب منها ما يلي
وقد أصبحت في دهر كنود |
به الغارات تشعل بالتهاب |
|
وقد خلت المساكن من ذويها |
فرارا في الوهاد وفي الهضاب |
|
مصائب قد غدت منها دواما |
دموع العين تجري بانسكاب |
|
علتني نارها فغدوت منها |
طريدا في الصحاري والشعاب |
|
وأعظم حسرة اضنت فؤادي |
تفرق ما بملكي من كتاب |
|
لقد ضاقت علي الأرض طرا |
وسد علي منها كل باب |
|
طوتني النائبات وكنت نارا |
على علم بها طي الكتاب |
واجلى ظاهرة من حياة هذا الشيخ المجاهد ـ تلفت الانظار وتزيد الباحث إعجابا به واكبارا له ـ هو دؤوبه في العمل بكل حول وطول وقوة ، والسعي في مهمته بكل بهجة ونشاط ، مهما بلغت به الحال في تلك الظروف القاسية والمواقف الحرجة ، فتراه في خلالها كلها مكبا على مطالعاته ، جادا في تآليفه ، دائبا في عمله ، سائرا في نهجه ، مستمرا في خطته ، ماضيا في مشروعة ، فانيا في مبدأه ، فسبحان خالق تلك النفس الجبارة التي لا تعرف السأم ولا الملل ، ولا يعيقها شيء ، ولا يحول دون ما ترومه اي مانع ، فقد أنتج من بين تلك الظروف وهاتيك الأدوار كتبا قيمة ناهزت الأربعين وانتشرت له من بين السلب والنهب آثارا ثمينة ومآثر خالدة (وسوف يوافيك عدها) وشعت من بين تلك الأدوار المظلمة والعصور الحالكة اشعاعات فضائله وفواضله ، فأنارت للقوم سبيل هداهم ومهيع رشدهم.
والى هذه الظاهرة لوح العلامة الجابلقي في (الروضة البهية) حيث قال : «فلينظر المشتغلون الى ما وقع على هذا الشيخ من البلايا والمحن ومع ذلك كيف اشتغل وصنف تصنيفات فائقة.»