مصحّحة لتعلّق القدرة لا موجبة له ، ولا يلزم من تحقّق العلّة المصححة لشيء تحققه بالفعل ، لجواز أن يكون هناك ما يمنعه ، وبهذا يندفع دليل آخر للأشاعرة وهو أنّ العبد لو كان موجدا لفعل نفسه ، لجاز أن يوجد الجسم لأنّ المصحّح لتعلّق الإيجاد بفعل نفسه هو الإمكان ، وهو متحقق في الجسم والتّالي باطل «انتهى». وأما ما ذكره من أن أهل العدل اختاروا مذهبا رديّا هو إثبات تعدّد الخالقين فهو كلام مبهم إذا كشف غطاؤه ، وظهر جودة ما اختاروه ، وذلك لأنّ الرّدي إثبات تعدّد الخالق القديم الذي لا يكون مخلوقا لله ابتداء ، أو بواسطة كما يلزم الأشاعرة من القول بزيادة الصّفات القديمة ، وأما اثبات الخالق الحادث الذي يكون ذاته وحياته وقدرته وتمكينه وسائر صفاته وكمالاته مخلوقة لله تعالى كما هو شأن العبد على رأى أهل العدل ، فلا رداءة فيه ، بل فيه جودة تنزيه الله تعالى عن كونه فاعلا للقبائح والفواحش المنسوبة الى العبد كما مرّ مرارا ، وأما ما ذكره من الجواب فهو ممّا ذكره صاحب المواقف (١) وقد ظنّ الناصب المرتاب أنّه عين الصّواب ، بل كأنّه وجد تمرة الغراب (٢) ، وفيه نظر ، أما أولا فلأنّ محصّل كلام أبي الحسين والمصنف ومن وافقهم في هذا المقام دعوى البداهة في مقدّمات ثلاث ، إحداها علّية القدرة والاختيار وتأثيرهما ، والثانية أنّ العبد فاعل لنحو الصعود إلى المنارة بقدرته دون السقوط منها ودون حركته الارتعاشية ، والثالثة أنه لو لم تؤثر قدرته في هذا الصعود لم يصعد ، لا أنهم جعلوا الاولى منها نظرية ، والثانيتين دليلا عليها حتى
__________________
ويروى عنه مولانا العلامة وغيره ، فراجع الريحانة (ج ١ ص ٤١٦ الى ٤٢٥)
(١) قد مرت ترجمته «ج ١ ص ٤٧».
(٢) يطلق هذه الكلمة على ثمر شجرة يقال لها البلوط وعلى عود يجعل على رأس المثقبة التي تستعملها النجارون ، ويضرب المثل في حق من أتى بشيء خسيس ردى زعما انه أتى بشيء نفيس.