يتوجه أنه دوران غير مفيد للعلية ، ثمّ لو جعل الدّوران تنبيها على المقدمة الأولي لكان له وجه ، ويضعف منع لزوم العلّية ، واما ما ذكره من أنّ علماء السلف كانوا بين منكرين لإيجاد العبد فعله ومعترفين مثبتين له بالدليل إلخ مدخول بأن ما ذكره السلف من أهل العدل بصورة الدليل إنما هو تنبيهات على المدعى الضروري ، قد حملها من خالفهم من الأشاعرة على الاستدلال ليمكنهم إيراد المنع والنقض والمعارضة (١) عليها ، فلا يلزم ما توهمه الناصب من نسبة كل العقلاء إلى إنكار الضرورة
__________________
(١) هذه مصطلحات في علم آداب البحث والمناظرة ، والفرق بينها يظهر مما أفاده الجرجاني في كتاب الحدود (ص ١٤٨ ط مصر) قال ما لفظه :
المعارضة لغة هي المقابلة على سبيل الممانعة ، واصطلاحا هي إقامة الدليل على خلاف ما أقام الدليل عليه الخصم.
ودليل المعارض ان كان عين دليل المعلل يسمى (قلبا) ،
والا فان كانت صورته كصورته يسمى (معارضة بالمثل) والا (فمعارضة بالغير) ، وتقديرها إذا استدل على المطلوب بدليل فالخصم ان منع مقدمة من مقدماته او كل واحدة منها على التعيين فذلك يسمى (منعا مجردا) (ومناقضة) (ونقضا تفصيليا) ، ولا يحتاج في ذلك الى شاهد ، فان ذكر شيئا يتقوى به يسمى (سندا للمنع) ، وان منع مقدمة غير معينة بأن يقول ليس دليلك بجميع مقدماته صحيحا ، ومعناه ان فيها خللا فذلك يسمى (نقضا اجماليا) ولا بد هاهنا من شاهد على الاختلال ، وان لم يمنع شيئا من المقدمات لا معينة ولا غير معينة بان أورد دليلا على نقض مدعاه فذلك يسمى (معارضة) «انتهى».
قال الشيخ زين الدين المرصفى في منظومته :
ان قلت قولا ذا تمام خبري |
|
إذا نقلت فيه عن معتبر |
فيطلب التصحيح للنقل إذا |
|
لم تلتزم فيما نقلته لذا |
او ادعيت يطلب الدليل |
|
ان كان غير واضح ذا القيل |
ثم ثلاث للدليل عارضة |
|
(منع) ونقل مجمل معارضة |