بل اللازم نسبة المعزولين عن العقل والشعور ، وهم الأشاعرة الذين هذا شأنهم في أكثر المسائل كما لا يخفى ، وأما ثانيا فلأن وجود القدرة من غير تأثيرها إنما يورث الفرق على تقدير تحققه في نفس الأمر ، لكنه غير متحقق بشهادة الوجدان (١) بتأثيرها ، ثم لو كان الفارق وجود قدرة غير مؤثرة ، لزم عدم الفرق فان الساقط من المنارة له قدرة إسقاط نفسه أيضا ولا شك أنه إذا سقط لم تؤثر قدرته في هذه الحركة نعم إنهم قالوا : بتعلّق تلك القدرة والإرادة بالصعود دون السقوط ، لكن إذا لم يكن
__________________
فأول جزء الدليل مورده |
|
فان يكن مدللا لا يورده |
والثاني إبطال الدليل كله |
|
بشاهد ينبئ عن قبوله |
وثالث إقامة الدليل |
|
على خلاف قول ذى التعليل |
الى آخر ما أفاد ، وأنت لو تأملت فيما نقلناه عن أرباب هذا العلم لظهر لك في غاية الظهور الفروق بين المنع والنقض والمعارضة المذكورة في الكتاب.
ومما يؤسف عليه ان هذا العلم وعدة فنون أخر قد تركت في زوايا الخمول ، مع أن السلف كانوا شديدي الاهتمام بها فكم لهم فيها كتب قيمة ورسائل نفيسة ، مطبوعة ومخطوطة ، كرسالة آداب البحث للفاضل السمرقندي وشروحها العديدة ، ومنظومة المرصفى وشروحها ، وكتاب آداب البحث للسيد حسين المعمائى ، وكتاب آداب المناظرة للقاضي عضد الإيجي ، وكتاب آداب البحث للسيد فخر الدين السماكى وغيرها من الزبر الممتعة ، وأرجو من فضله وكرمه العميم أن يوفقنا باقتناء الفضائل آمين آمين.
(١) قال بعض الأفاضل في تعاليقه على هوامش تفسير البيضاوي ما محصله : ان الفرق بين الوجدان بكسر الواو والوجدان بضمها : ان الاول يطلق على القوة المدركة والثاني على إدراكها هذا ، ونكن المتداول بين أهل الفضل اطلاق كل منهما على كل من المعنيين فلا تغفل.