في مكابرة ، لأنّ بديهة العقول حاكمة بأنّ بعض الأفعال تصدر منّا بتأثير قدرتنا فيها ، فإنكار كون العبد موجدا لأفعاله الاختياريّة سفسطة مصادمة للضرورة ، ويوضحه أنّ تعلّق القدرة بالفعل لا على وجه التّأثير ، كما اخترعوه وسمّوه بالكسب أمر خفىّ لا يهتدي إليه العقل ، فانّه إذا لم يكن للقدرة تأثير ، لا يظهر وجه تعلّقها به ، فان قيل : تعلّقها به هو أن تكون موجودة عنده قلنا : من أين يعلم وجودها عنده؟ فان قيل : علم وجودها عنده من الفرق بين حركة المرتعش وحركة المختار بالبديهة ، قلنا : الفارق هو الإرادة لأنّ حركة المرتعش حصلت من غير إرادة وحركة المختار حصلت بها ، والإرادة غير القدرة لأنّها صفة مخصّصة لأحد المقدورين بالوقوع ، فان قيل : إذا كانت الإرادة مخصّصة لأحد المقدورين بالوقوع فلا بدّ لوجودها من وجود القدرة. قلنا : لم لا يجوز أن يكون مخصّصة لأحد مقدوري الله تعالى بالوقوع؟ فانّ عادة الله جرت بأنّها إذا تعلّقت بأحد طرفي الممكن ، حصل ذلك الطرف ، وبالجملة القدرة الحادثة أى قدرة العبد عند الأشاعرة صفة يوجد الفعل معها ، وبعبارة أخرى كيفيّة وجوديّة قائمة بالفاعل موجودة عند الفعل ، فإذا لم يكن لها تأثير يكون في معرض الخفاء ، حتّى يبرهن على ثبوته ، ولعمري أنّ القول : بكسب العبد وأنّ قدرته غير مؤثرة ، وإنّما المؤثر قدرة الله سبحانه ثمّ القول بثواب العبد ، أو عقابه من باب أن يقال : إنّ أحدا قادرا على الزّنا مثلا إذا كان معه قادر آخر ، تكون قدرته أشدّ من قدرته ، وليس له أن يمنعه من الزّنا إذا لم يرتكب الزّنا وارتكب مصاحبة الزّنا ، صار هذا الشخص الغير المرتكب له العاجز عن أن يمنع فاعله مستحقا للرجم ، دون المرتكب له وهو كما ترى ، والحاصل أنّ القول : بالقدرة غير المؤثرة ممّا لا طائل تحته ، لأنّ القدرة صفة مؤثرة على وفق الإرادة ، فلو لم تكن قدرة العبد مؤثرةّ تكون تسميتها قدرة مجرّد اصطلاح ، ويؤيده الفرق