والسيئة ولا يستحقّ صاحب الأعمال الحسنة المدح ولا صاحب الأعمال القبيحة الذّم فعلم أنّ الأفعال اختياريّة وإلا يلزم التساوي المذكور وهو باطل ، والجواب أنّ ترتّب المدح والذمّ على الأفعال باعتبار وجود القدرة والاختيار في الفاعل ، وكسبه ومباشرته للفعل ، وأمّا أنه لتأثير قدرته في الفعل فذلك غير ثابت وهو المتنازع فيه ، ولا يتوقف ترتّب المدح والذمّ على التأثير ، بل يكفي وجود المباشرة والكسب في حصول الترتّب المذكور ، ثمّ ما ذكر أنّ المدح والذمّ لم يترتّب على ما لم يكن بالاختيار فباطل مخالف للعرف واللّغة ، فانّ المدح يعمّ الأفعال الاختياريّة وغيره بخلاف الحمد ، واختلف في الحمد أيضا ، وأما قوله : الأشاعرة لم يحكموا بحسن هذا المدح ، إن أراد أنّهم لم يقولوا بالحسن العقليّ للمدح والذمّ المذكورين فذلك كذلك ، لأنّهم لم يقولوا بالحسن والقبح العقليّ أصلا (١) وإن أراد نفى الحكم بحسن مدح الله وثنائه مطلقا ، فهذا من مفترياته ، فإنهم يحكمون بحسن مدح الله تعالى لأنّ الشرع أمر به لا لأنّ العقل حكم به كما مرّ مرارا «انتهى».
أقول
الجواب الذي ذكره مردود ، بأنّ وجود القدرة والاختيار في الفاعل الذي هو العبد وكسبه ومباشرته للفعل ، إمّا أن يكون له مدخل في وجود الفعل أولا ، فعلى الثاني يلزم الجبر ، ضرورة أنّه إذا لم يكن لتعلّق قدرة العبد مدخل في الفعل أصلا لا يورث الفرق ، ولا تفاوت بين وجوده وعدمه وعلى الاول إن لم يكن هذا التعلّق مستلزما لوجود الفعل ، يتمّ الملازمات ، فانّ تعذيب العبد مثلا بفعل لا يكون منه قبيح بالضّرورة ، وهذا الفعل لم يجب من قدرة العبد على هذا الفرض
__________________
(١) قد أنطقه الله بالحق حيث قال : لأنهم لم يقولوا بالحسن والقبح العقلي اصلا منه «قده».