حيرانة لا تدرى كيف تلقيه في اليم حتى كلّمها موسى عليهالسلام فقال : يا امّه انبذينى في التابوت وألقينى في اليم فقالت وهي ذعرة من كلامه : يا بنى أخاف عليك الغرق ، فقال : لها : لا تحزني إنّ الله تعالى يردّنى إليك ، ففعلت ذلك فبقى التابوت في اليمّ مدّة لا يطعم ولا يشرب إلى أن أقدمه الله تعالى إلى الساحل ، وكان من أمره ما كان ، وعلمتم قصّة عيسى عليهالسلام وقوله تعالى : (فَناداها مِنْ تَحْتِها أَلَّا تَحْزَنِي) الآية ، فكلّم امّه وقت ولادته وقال لها : (وَهُزِّي إِلَيْكِ) الآيتين ، وقال حين أشارت إليه فقال قومها (كَيْفَ نُكَلِّمُ) الآية ، فقال (إِنِّي عَبْدُ اللهِ) الآية ، فتكلم عليهالسلام وقت ولادته واعطى الكتاب والحكم والنّبوة وأوصى بالصلاة والزّكاة في ثلاثة أيام من ولده ، وكلّم القوم في اليوم الثاني منه وقد علمتم جميعا ان الله تعالى خلقني وعليا نورا واحدا وأودعنا صلب آدم عليهالسلام نسبّح الله تعالى ثم لم يزل نورنا ينقل في أصلاب الطاهرين وأرحام الطاهرات يسمع تسبيحنا في البطون والظهور في كل عصر إلى ان أودعنا عبد المطلب ، فان نورنا كان يظهر في وجوه آبائنا وامّهاتنا ، فلما قسم الله نورنا نصفين نصفا في عبد الله ونصفا في أبي طالب كان يسمع تسبيحنا في ظهورهما ، وكان عمى وأبي إذا جلسا في ملاء من الناس ناغى نوري نور علىّ في أصلاب آبائنا إلى أن أخرجنا من الأصلاب والبطون ، ولقد هبط علىّ جبرئيل عليهالسلام في وقت ولادة علىّ وقال لي : يا حبيب الله إن الله يقرأ عليك السلام ويهنيك بولادة علىّ ويقول لك : قد قرب ظهور نبوتك وكشف رسالتك ؛ وقد أيدتك بأخيك ووزيرك وخليلك وشددت به عضدك (أزرك) وأعلنت به ذكرك ، فقمت مبادرا فوجدت فاطمة ام علىّ عليهالسلام بين النساء والقوابل حولها ؛ فقال لي جبرئيل عليهالسلام : سجف بينهما وبين النساء سجفا فإذا وضعت فتلقه بيدك ، ففعلت ما أمرنى به ، ثم قال : امدد يدك اليمنى فخذ بها عليا فانه صاحب اليمين فمددت يدي اليمنى نحو امّه وإذا بعلى مايلا على يدي واضعا يده اليمنى في اذنه اليمنى يؤذن ، ثم (أثنى) إلىّ وسلّم عليّ وقال : يا رسول الله أقرأ؟ فقلت : وما تقرأ؟ فو الذي نفسي بيده لقد ابتدأ بالصحف التي أنزلها الله تعالى