قال سفيان : ذهب الفرزدق إلى غير المعنى ـ أو قال : الوجه ـ إنما قال : لا يحيك فيه السلاح ولا يضره [٥٣ / أ] القتل ، مع ما قد سبق له.
٢٨٥ ـ قال : أخبرنا عبد الله بن الزبير الحميدي ، قال : حدثنا سفيان ، قال : حدثنا شيعي لنا يقال له : العلاء بن أبي العباس ، عن أبي جعفر ، عن عبد الله ابن عمرو ، أنه قال في حسين : خرج ، أما إنه لا يحيك فيه السلاح (١).
٢٨٦ ـ قال : أخبرنا موسى بن إسماعيل ، قال : حدثنا معاوية بن عبد الكريم ، عن مروان الأصغر ، قال : حدثني الفرزدق بن غالب قال :
لما خرج الحسين بن علي رحمهالله لقيت عبد الله بن عمرو ، فقلت له : إن هذا الرجل قد خرج ، فما ترى؟ قال : أرى أن تخرج معه ، فإنك أن أردت دنيا أصبتها ، وإن أردت آخرة أصبتها.
قال : فرحلت نحوه ، فلما كنت في بعض الطريق بلغني قتله ، فرجعت إلى عبد الله بن عمرو ، فقلت : أين ما قلت لي؟! قال : كان رأيا رأيته! ٢٨٧ ـ قال : أخبرنا علي بن محمد ، عن الهذلي ، إن الفرزدق قال : لقيت حسينا ، فقلت : بأبي أنت لو أقمت حتى يصدر الناس ، لرجوت أن يتقصف أهل الموسم معك ، فقال : لم آمنهم يا أبا فراس.
قال فدخلت مكة فإذا فسطاط وهيئة ، فقلت : لمن هذا ، قالوا : لعبد الله ابن عمرو بن العاص ، فأتيته فإذا شيخ أحمر فسلمت ، فقال : من؟ قلت : الفرزدق ، أترى أن أنصر حسينا؟ قال : إذا تصيب أجرا وذخرا ، قلت : بلا دنيا ، فأطرق ، ثم قال : يا بن غالب لتتمن خلافة يزيد ، فانظرن ، فكرهت ما قال.
قال : فسببت يزيد ومعاوية ، قال : مه! [٥٣ / ب] قبحك الله!! فغضبت ، فشتمته وقمت ، ولو حضر حشمه لأوجعوني.
فلما قضيت الحج رجعت ، فإذا عير فصرخت : ألا ما فعل الحسين؟ فردوا علي : ألا قتل.
__________________
(١) من أول المقتل إلى هنا رواه ابن عساكر بإسناده عن ابن سعد في ترجمة الحسين عليهالسلام من ص ١٩٦ ـ ٢٠٦.