فقدم مسلم بن عقيل الكوفة مستخفيا وأتته الشيعة فأخذ بيعتهم ، وكتب إلى الحسين بن علي : إني قدمت الكوفة فبايعني منهم إلى أن كتبت إليك ثمانية عشر ألفا ، فعجل القدوم فإنه ليس دونها مانع!
فلما أتاه كتاب مسلم أغذ السير حتى انتهى إلى زبالة ، فجاءت رسل أهل الكوفة إليه بديوان فيه أسماء مائة ألف.
وكان النعمان بن بشير الأنصاري على الكوفة في آخر خلافة معاوية فهلك وهو عليها ، فخاف يزيد أن لا يقدم النعمان على الحسين ، فكتب إلى عبيد الله بن زياد بن أبي سفيان! [٥٤ / ب] وهو على البصرة فضم إليه الكوفة ، وكتب إليه بإقبال الحسين إليها ، فإن كان لك جناحان فطر حتى تسبق إليها.
فأقبل عبيد الله بن زياد على الظهر سريعا حتى قدم الكوفة فأقبل متعمما متنكرا حتى دخل السوق ، فلما رأته السفلة وأهل السوق خرجوا يشتدون بين يديه وهم يظنون أنه حسين! وذاك أنهم كانوا يتوقعونه ، فجعلوا يقولون لعبيد الله : يا بن رسول الله الحمد لله الذي أراناك وجعلوا يقبلون يده ورجله ، فقال عبيد الله لشد ما فسد هؤلاء!
ثم مضى حتى دخل المسجد فصلى ركعتين ثم صعد المنبر وكشف عن وجهه ، فلما رآه الناس مال بعضهم على بعض واقشعوا عنه.
وبنى عبيد الله بن زياد تلك الليلة بأهله أم نافع بنت عمارة بن عقبة بن أبي معيط.
وأتي تلك الليلة برسول الحسين بن علي قد كان أرسله إلى مسلم بن عقيل يقال له : عبد الله بن يقطر فقتله.
وكان قدم مع عبيد الله من البصرة شريك بن الأعور الحارثي وكان شيعة لعلي فنزل أيضا على هانئ بن عروة ، فاشتكا شريك ، فكان عبيد الله يعوده في منزل هانئ ومسلم بن عقيل هناك لا يعلم به.
فهيؤوا لعبيد الله ثلاثين رجلا يقتلونه إذا دخل عليهم وأقبل عبيد الله فدخل على شريك يتسأل به فجعل شريك يقول :