فمن أحب أن يرجع فليرجع.
فانصرف عنه [الذين] صاروا إليه في طريقه ، وبقي في أصحابه الذين خرجوا معه من مكة ونفير قليل [من] من صحبه في الطريق. فكانت خيلهم اثنين وثلاثين فرسا.
قال : وجمع عبيد الله المقاتلة وأمر لهم بالعطاء وأعطى الشرط ، ووجه حصين بن تميم الطهوي إلى القادسية ، وقال له : أقم بها فمن أنكرته فخذه.
وكان حسين قد وجه قيس بن مسهر الأسدي إلى مسلم بن عقيل قبل أن يبلغه قتله ، فأخذه حصين فوجه به إلى عبيد الله ، فقال له عبيد الله : قد قتل الله مسلما! فقم في الناس فاشتم [٥٦ / ب] الكذاب ابن الكذاب فصعد قيس المنبر فقال : أيها الناس إني تركت الحسين بن علي بالحاجر ، وأنا رسوله إليكم وهو يستنصركم.
فأمر به عبيد الله فطرح من فوق القصر فمات.
ووجه الحصين بن تميم الحر بن يزيد اليربوعي من بني رياح في ألف إلى الحسين ، وقال : سايره ولا تدعه يرجع حتى يدخل الكوفة ، وجعجع به ، ففعل ذلك الحر بن يزيد.
فأخذ الحسين طريق العذيب حتى نزل الجوف مسقط النجف مما يلي المائتين ، فنزل قصر أبي مقاتل ، فخفق خفقة ثم انتبه يسترجع وقال : إني رأيت في المنام آنفا فارسا يسايرنا ويقول : القوم يسيرون والمنايا تسري إليهم ، فعلمت أنه نعى إلينا أنفسنا.
ثم سار حتى نزل بكربلاء ، فاضطرب فيه ، ثم قال : أي منزل نحن به؟ قالوا : بكربلاء ، فقال : يوم كرب وبلاء.
فوجه إليه عبيد الله بن زياد عمر بن سعد بن أبي وقاص في أربعة آلاف ، وقد كان استعمله قبل ذلك على الري وهمذان ، وقطع ذلك البعث معه ، فلما أمره بالمسير إلى حسين تأبى ذلك وكرهه واستعفى منه ، فقال له ابن زياد : أعطي الله عهدا لئن لم تسر إليه وتقدم عليه لأعزلنك عن عملك واهدم دارك واضرب