ولنذكر الآن حديث ابن الجوزي عن معاصره وهو أخبر الناس به حيث عاشا سوية في بغداد وكانا يتلاقيان كل يوم في مجالس الدرس وحلقات الحديث ، فقد اشتركا في كثير من الشيوخ ، نراه يصف لنا عبد المغيث بقوله :
ما زلت أعرف هذا الشيخ بقلة المعرفة للحديث ، إنما يقرؤه ولا يعلم صحيحه من سقيمه ، ولا يفهم معناه ، فمذهبه في ذلك مذهب العوام أن كل حديث يروى ويسند ينبغي أن يكون صحيحا.
وهو مع قلة علمه وعدم فهمه معه عصبية يسميها سنة ، ومن البلية عذل من لا يرعوي عن غيه وخطاب من لا يفهم ، والكلام مع مثل هذا صعب لقلة فهمه وفقهه (٤) ...
وقال عنه أيضا : شيخ قد قرأ أحاديث مروية ولم يخرج من العصبية العامية ... وصنف جزء لينتصر فيه ليزيد! (٥).
وقال أيضا : ما زلت أعرف هذا الشيخ بقلة العلم والفهم ، وإنما يحدث من يفهم (٦).
وقال : وهذا الشيخ لا يعرف المنقولات ولا يفهم المعقولات ، لكنه قرأ الحديث ولا يعرف صحيحه من سقيمه ، ولا مقطوعه من موصوله ، ولا تابعيا من صحابي ، ولا ناسخا من منسوخه ، ولا كيف الجمع بين الحديثين ، ومعه عصبية عامية ، فإذا رأى حديثا يوافق هواه تمسك به (٧).
وبيان أنه لا يعرف علم الحديث أنه يحتج على أغراضه بأحاديث قد أسنده الكذابون ، ولا يعرف الصادق من الكاذب (٨).
وإني قد اجتمعت به يوما فذكر مسلم بن يسار قال : وكان من كبار الصحابة! فزجرته عن هذا وقلت : ما قال هذا أحد ، إنما هو تابعي.
__________________
(٤) آفة أصحاب الحديث لابن الجوزي : ٥٣.
(٥) الرد على المتعصب : ٧.
(٦) الرد على المتعصب : ٨.
(٧) الرد على المتعصب : ٨ ـ ٩.
(٨) الرد على المتعصب : ٩.