الذين قال الله : «إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا» [الأحزاب : ٣٣].
قال : فما زال يقول ذاك حتى ما رئي أحد من أهل المسجد إلا وهو يخن بكاء (١٠٣).
قال : أخبرنا موسى بن إسماعيل ، قال : حدثنا عون بن موسى ، قال : سمعت هلال بن خباب يقول : جمع الحسن بن علي رؤوس أصحابه في قصر المدائن فقال : يا أهل العراق ، لو لم تذهل نفسي عنكم إلا لثلاث خصال لذهلت ، مقتلكم أبي ، ومطعنكم بغلتي ، وانتهابكم ثقلي ـ أو قال : ردائي عن عاتقي ـ ، وإنكم قد بايعتموني أن تسالموا من سالمت وتحاربوا من حاربت ، وإني قد بايعت معاوية فاسمعوا له وأطيعوا.
قال : ثم نزل فدخل القصر (١٠٤).
قال : أخبرنا يزيد بن هارون ، قال : أخبرنا حريز بن عثمان ، قال : حدثنا عبد الرحمن بن أبي عوف الجرشي ، قال : لما بايع الحسن بن علي معاوية قال له عمرو بن العاص وأبو الأعور السلمي عمرو بن سفيان : لو أمرت الحسن فصعد
__________________
(١٠٣) لما رأى الحسن ـ عليهالسلام ـ أنه مع مسالمته وحقنه للدماء واعتزاله الأمر ، ومع كون أبيه خليفتهم ، وأمه بنت نبيهم (على تقدير غض النظر عن كل فضائله) لم يسلم منهم وطعنوه ونهبوا متاعه ، ولم يمنعه منهم مكانه من رسول الله ـ صلىاللهعليهوآله ـ! أتاهم من قبل إثارة عواطفهم فذكرهم أنهم عرب! ولا أقل من أنه حجازي ضيف على أهل العراق والعرب لا تسئ إلى ضيوفها!
ولذلك تراه هيج عواطفهم بحيث لا يرى أحد في المسجد إلا ويخن بكاء.
والخنين : هو البكاء دون النحيب ، وقد تقدم تفسيره في التعليق رقم ٥١.
والحديث رواه ابن عساكر برقم ٣٠٤ بإسناده عن ابن سعد ، وتقدم نحوه في صفحة ١٦٧.
وأخرجه الطبراني في المعجم الكبير ٣ / ٩٦ برقم ٢٧٦١ ، وعنه في مجمع الزوائد ٩ / ١٧٢.
(١٠٤) رواه يعقوب بن سفيان الفسوي في المعرفة والتاريخ ٢ / ٧٥٣ عن سعيد بن منصور ، عن عون ، باختلاف يسير إلى قوله : عن عاتقي.
وأورده ابن حجر في الإصابة ١ / ٣٣٠ عن يعقوب بن سفيان من قوله : وإنكم قد بايعتموني ...
ورواه الخطيب في تاريخ بغداد ١ / ١٣٩ بطرقه عن يعقوب بن سفيان ، وعن ابن سعد.
وكان في الأصل : وأن تسالمون من سالمت وتحاربون ...
وليراجع بشأن هذه الروايات وما بمعناها كتاب «صلح الحسن» للشيخ راضي آل ياسين ـ رحمهالله ـ المطبوع مكررا فقد كفى وشفى.