أضرب عنق مروان ، ما حال بيني وبين ذلك أن لا أكون أراه مستوجبا لذلك إلا أني سمعت أخي يقول : إن خفتم أن يهراق في محجم من دم فادفنوني بالبقيع ، فقلت لأخي : يا با عبد الله ـ وكنت أرفقهم به ـ ، إنا لا ندع قتال هؤلاء القوم جبنا عنهم ، ولكنا إنما نتبع وصية أبي محمد ، إنه والله لو قال : ادفنوني مع النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لمتنا من آخرنا أو ندفنه مع النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ ، ولكنه خاف ما قد ترى ، فقال : إن خفتم أن يهراق في محجم من دم فادفنوني مع أمي ، فإنما نتبع عهده وننفذ أمره ، قال : فأطاع الحسين بعد أن ظننت أنه لا يطيع فاحتملنا [٥] حتى وضعناه بالبقيع.
وحضر سعيد بن العاص ليصلي عليه فقالت بنو هاشم : لا يصلي عليه أبدا إلا حسين ، قال : فاعتزل سعيد بن العاص ، فوالله ما نازعنا في الصلاة عليه وقال : أنتم أحق بميتكم ، فإن قدمتموني تقدمت ، فقال الحسين بن علي : تقدم ، فلولا أن الأئمة تقدم ما قدمناك! (١٢٠).
قال : أخبرنا محمد بن عمر ، قال : حدثنا هاشم بن عاصم ، عن المنذر بن جهم ، قال : لما اختلفوا في دفن حسن بن علي [نزل] سعد بن أبي وقاص وأبو هريرة من أرضهما ، فجعل سعد يكلم حسينا يقول : الله ، الله ، فلم يزل بحسين حتى ترك ما كان يريد (١٢١).
قال : أخبرنا محمد بن عمر ، قال : حدثنا عبد الله بن أبي عبيدة ، عن عبد الله بن حسن ، قال : لما دعا الحسين حلف الفضول جاءه عبد الله بن الزبير فقال : هذه أسد بأسرها قد حضرت.
فقال معاوية ـ بعد ذلك ـ لابن الزبير : وحضرت مع حسين بن علي ذلك اليوم؟ فقال : حضرت للحلف الذي تعلم ، دعيت به فأجبت ، فسكت
__________________
(١٢٠) رواه ابن عساكر في تاريخه برقم ٣٥٦ بإسناده عن ابن سعد ، وما بين المعقوفين منه ، ولاحظ التعليقة رقم ١٢٥.
(١٢١) رواه ابن عساكر في تاريخه ص ٢٢٤ عن ابن سعد ، وما بين المعقوفين منه ، والحسن بن محمد هو ابن محمد بن الحنفية.