مصادر الشهرستاني في معرفة مدرسة أهل البيت
ليس من العسير أن نستنتج من خلال ما كتبه الشهرستاني في (الملل) والنحل) أنه كان على اطلاع واسع بشأن مصادر المذاهب المختلفة ، ويتبين من خلال تفسيره المخطوط أنه بحث عن علوم أهل البيت ـ بعد أن آمن بمنزلتهم ومكانتهم ـ لدن من عنده أثارة من علوم آل محمد ، سواء كان من الصوفية ، أو من أهل الحديث ، أو من الشيعة الإمامية ، أو الإسماعيلية ، آخذا ما كان في اعتقاده من علوم آل البيت ورافضا ما كان ـ في اعتقاده ـ منحولا عليهم ، غير متقيد بمعتقدات مدرسة مذهبية معينة.
ويبدو أن أول من وجهه إلى علوم أهل البيت هو أستاذه الأنصاري (٣١). يقول في مقدمة تفسيره : (ولقد كنت على حداثة سني أسمع تفسير القرآن من مشايخي سماعا مجردا حتى وفقت فعلقته على أستاذي ناصر السنة أبي القاسم سلمان بن ناصر الأنصاري ـ رضياللهعنه ـ تلقفا ، ثم أطلعني [من] مطالعات كلمات شريفة عن أهل البيت وأوليائهم ـ رضياللهعنهم ـ على أسرار دفينة وأصول متينة في علم القرآن ...).
ويبدو أن الأنصاري كان حافزا للشهرستاني كي بطلب مزيدا من علوم أهل البيت ، فبدأ يبحث ، وإذا هو يعثر على ضالته عند (عبد من عباد الله الصالحين) ، يقول في المقدمة بعد الفقرة المذكورة :
(... وناداني من هو في شاطئ الوادي الأيمن في البقعة المباركة من الشجرة الطيبة : (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين).
فطلبت الصادقين طلب العاشقين ، فوجدت عبدا من عباد الله الصالحين ، كما طلب موسى ـ عليهالسلام ـ مع فتاه (فوجدا عبدا من عبادنا آتيناه رحمة من
__________________
(٣١) أبو القاسم ، سلمان بن ناصر الأنصاري ، من أهل نيسابور ، عالم في التفسير ، ومن أهل العرفان والتصوف. راجع ترجمته في طبقات الشافعية الكبرى للسبكي ٧ / ٩٦ ، وتاريخ نيسابور / ٣٨٦ ، العبر ٤ / ٢٧.