عندنا وعلمناه من لدنا علما) فتعلمت مناهج الخلق والأمر ، ومدارج التضاد والترتب ، ووجهي العموم والخصوص ، وحكمي المفروغ والمستأنف ، فشبعت من هذا المعا الواحد دون الأمعاء التي هي مآكل الضلال ومداخل الجهال ...) (٣٢).
ولا يوضح لنا الشهرستاني من هو العبد الصالح هذا ، بل يتضح من القرائن أنه رجل يحمل علوم أهل البيت ، لأن ما تعلمه منه هو أسس الأسرار المذكورة في تفسيره. وهذه الأسرار لا ينسبها الشهرستاني لنفسه حين يذكرها ، بل ينسبها إلى آخرين. يقول مثلا ... قال أهل القرآن ... قال أصحاب الأسرار ، وهو يوضح هذه النسبة في آخر الفصل السابع من مقدمته فيقول :
(وإذا قلت : قال أهل القرآن ، وأصحاب الأسرار ، أو الذي شققت له اسما من معنى الآية ، فلا أريد به نفسي عياذا بالله ، وإنما أريد الصديقين من أهل بيت النبي ـ صلىاللهعليهوآله ـ فهم الواقفون على الأسرار ، وهم من المصطفين الأخيار) (٣٣).
ثم إن الشهرستاني حين ينقل أحاديث عن أهل البيت أو روايات في فضلهم لا يذكر ـ مع الأسف ـ مصادره ، ولا أسانيده ، بل ينقلها مرسلة ، ولذلك لا نستطيع أن نتعرف على مصادره سوى ما ذكرنا ، وسوى كتابين حديثيين ذكرهما في مقدمته ، الأول : صحيح البخاري ، والثاني : الكافي للكليني.
لكن الشهرستاني قد رجع حتما إلى كتب أخرى للحصول على علوم أهل البيت ، ولا نستبعد أن تكون بعض مراجعه إسماعيلية.
تلخيص واستنتاج
الشهرستاني رجل استطاع أن يتجاوز الإطار الأموي الذي ضرب على الفكر الإسلامي ... وفهم مذهب أهل السنة والجماعة على أنه العمل بما كان عليه رسول الله وأصحابه ... وهذا يفرض الولاء الفكري لمدرسة أهل البيت
__________________
(٣٢) الورقة ١ / ب من المخطوطة.
(٣٣) الورقة ١٨ / أمن المخطوطة.