ومما يكشف عن فساده : أن قولنا : (لا إله إلا الله) كلمة توحيد بالاتفاق من غير أن يتوقف على اعتبار عهد ، فلو كان (الله) اسما لمفهوم (المعبود بالحق) ، أو (الواجب لذاته) لا علما للفرد الموجود منه ، لما أفاد التوحيد ، لأن المفهوم من حيث هو محتمل للكثرة.
والرحمن الرحيم : اسمان بنيا للمبالغة من (رحم) بتنزيله منزلة اللازم ، أو بجعله لازما ونقله إلى (فعل) بالضم.
والرحمة : رقة للقلب تقتضي التفضل ، فالتفضل غايتها ، وأسماء الله تعالى المأخوذة من نحو ذلك ، إنما يؤخذ باعتبار الغاية دون المبدأ.
وقدم (الله) عليهما لأنه اسم ذات وهما أسماء صفات ، والذات مقدمة على الصفة.
وقدم (الرحمن) على (الرحيم) لأنه خاص باعتبار المبدأ ، إذ لا يقال لغير الله تعالى ، بخلاف الرحيم ، ـ [و] لأنه أبلغ من (الرحيم) لأن زيادة البناء (١٣) تدل على زيادة المعنى ـ غالبا ـ كما في قطع وقطع ، وكبار وكبار.
ونقض : بحذر ، فإنه أبلغ من حاذر!
ويندفع : بقيد الأغلبية.
وبأنه لا ينافي أن يقع في الأنقص زيادة معنى بسبب آخر ، كالإلحاق بالأمور الجبلية مثل (شره ونهم).
وإنما قدم والقياس يقتضي الرقي من الأدنى إلى الأعلى كقولهم : عالم نحرير ، وجواد فياض ـ لأنه صار كالعلم من حيث أنه لا يوصف به غيره ـ أو لأنه لما دل على جلائل النعم وأصولها ، ذكر الرحيم ليتناول ما دق منها ولطف ، ليكون كالتتمة (١٤) والرديف.
__________________
(١٣) كذا الظاهر ، وكان في النسخة : زيادة الثناء.
(١٤) كذا الظاهر ، وفي النسخة : (كالنقمة).