الأشعث ، أنبأنا أحمد بن مسدة ، أنبأنا إسماعيل ، أخبرني الحارث بن عبد الرحمن ، عن عبد الأعلى بن عبد الله بن عامر ، قال : لما فرغ من المصحف أتي به عثمان فنظر فيه فقال : أحسنتم وأجملتم ، أرى شيئا سنقيمه بألسنتنا.
فهذا الأثر لا إشكال فيه ، ويتضح معنى ما تقدم ، فكأنه عرض عليه عقب الفراغ من كتابته فرأى فيه شيئا كتب على غير لسان قريش ، كما وقع لهم في (التابوة) و (التابوت) ، فوعد بأنه سيقيمه على لسان قريش ، ثم وفى بذلك عند العرض والتقويم ، ولم يترك فيه شيئا. ولعل من روى تلك الآثار السابقة عنه حرفها ، ولم يتيقن اللفظ الذي صدر عن عثمان ، فلزم منه ما لزم من الإشكال ، فهذا أقوى ما يجاب عن ذلك. ولله الحمد.
وبعد ، فهذه الأجوبة لا يصح منها شئ عن حديث عائشة. أما الجواب بالتضعيف فلان إسناده صحيح كما ترى ، وأما الجواب بالرمز وما بعده فلان سؤال عروة عن الأحرف المذكورة لا يطابقه ، فقد أجاب عنه ابن أشتة ـ وتبعه ابن جبارة في شرح الرائية ـ بأن معنى قولها (أخطأوا) أي في اختيار الأولى من الأحرف السبعة لجمع الناس عليه ، لا أن الذي كتبوا من ذلك خطأ لا يجوز ...
وأقول : هذا الجواب إنما يحسن لو كانت القراءة بالياء فيها والكتابة بخلافها ، وأما والقراءة على مقتضى الرسم فلا.
وقد تكلم أهل العربية عن هذه الأحرف ووجهوها أحسن توجيه ، أما قوله : (إن هذان لساحران) ففيه أوجه ... وأما قوله : (والمقيمين الصلاة) ففيه أيضا أوجه ... وأما قوله : (والصابئون) ففيه أيضا أوجه ...) (٢٦).
فهذا ما يتعلق ب (كلمات الصحابة والتابعين ...)
أحاديث جمع القرآن بين الرد والتأويل
وأما الأحاديث التي رووها حول جمع القرآن ، المتضاربة فيما بينها ، والتي
__________________
(٢٦) الإتقان ٢ / ٣٢٠ ـ ٣٢٦.