ابن ثابت و... فنسخوها في المصاحف ...) (٤٣).
هذا هو الواقع في هذه المرحلة ، وما خالفه يطرح أو يؤول كالحديث الذي روي : أنه كان لا يقبل من أحد شيئا حتى يشهد شاهدان. أوله ابن حجر على أن المراد من (الشاهدين) هو (الحفظ والكتابة) ، وناقش البيهقي في سنده وتبعه ابن شامة وصبحي الصالح (٤٤) ، قال ابن شامة بعد أن رواه : (وأخرج هذا الحديث الحافظ البيهقي في كتاب المدخل بمخالفة لهذا في بعض الألفاظ وبزيادة ونقصان فقال : جلس عثمان على المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : إنما عهد كم بنبيكم ـ صلىاللهعليهوآله ـ منذ ثلاث عشرة سنة ، وأنتم تختلفون في القراءة ، يقول الرجل لصاحبه : والله ما تقيم قراءتك. قال : فعزم على كل من كان عنده شئ من القرآن إلا جاء به ، فجاء الناس بما عندهم ، فجعل يسألهم عليه البينة أنهم سمعوه من رسول الله. ثم قال : من أعرب الناس؟ قالوا : سعيد بن العاص ، قال : فمن أكتب الناس؟ قالوا : زيد بن ثابت كاتب رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ ، قال : فليمل سعيد وليكتب زيد قال : فكتب مصاحف ففرقها في الأجناد فلقد سمعت رجالا من أصحاب رسول الله ـ صلىاللهعليهوآله ـ يقولون : لقد أحسن.
قال البيهقي : فيه انقطاع بين مصعب وعثمان. وقد روينا عن زيد بن ثابت أن التأليف كان في زمن النبي ـ صلىاللهعليهوآله ـ. وروينا عنه أن الجمع في الصحف كان في زمن أبي بكر والنسخ في المصاحف كان في زمن عثمان ، وكان ما يجمعون أو ينسخون معلوما لهم ، فلم يكن به حاجة إلى مسألة البينة.
قلت : لم تكن البينة على أصل القرآن ، فقد كان معلوما كما ذكروا إنما كانت على ما أحضروه من الرقاع المكتوبة ، فطلب البينة عليها أنها كانت كتبت بين يدي رسول الله ، وبإذنه على ما سمع من لفظه على ما سبق بيانه ، ولهذا قال :
__________________
(٤٣) صحيح البخاري ٦ / ٢٢٥ ـ ٢٢٦.
(٤٤) مباحث في علوم القرآن : ٧٦.