فعل» (٥١).
ما كان بين عثمان وابن مسعود
نعم ، انتقد علي عثمان أخذه المصاحف من أصحابها بالقوة وإحراقه لها ، وقد رووا عن ابن مسعود الامتناع من تسليم مصحفه .. والانتقاد الشديد لتقديم زيد بن ثابت عليه ...
قلت : أما امتناعه عن تسليم مصحفه فهو من الأمور الثابتة التي لا تقبل الخدش ، ولا حاجة إلى ذكر أخباره ومصادره ، وأما اعتراضه على تقديم زيد بن ثابت ففيه روايات صحيحة عندهم ... فقد روى الحافظ ابن عبد البر ، عن الأعمش ، عن شقيق ، قال : «لما أمر عثمان في المصاحف بما أمر قام عبد الله بن مسعود خطيبا فقال : أيأمروني أن أقرأ القرآن على قراءة زيد بن ثابت؟! والذي نفسي بيده لقد أخذت من في رسول الله ـ صلىاللهعليهوآله ـ سبعين سورة وأن زيد بن ثابت لذو ذؤابة يلعب به الغلمان ، والله ما نزل من القرآن شئ إلا وأنا أعلم في أي شئ نزل ، وما أحد أعلم بكتاب الله مني ، ولو أعلم أحدا تبلغنيه الإبل أعلم بكتاب الله مني لأتيته. ثم استحيى مما قال فقال : وما أنا بخيركم ، قال شقيق : فقعدت في الحلق فيها أصحاب رسول الله ـ صلىاللهعليهوآله ـ فما سمعت أحدا أنكر ذلك عليه ولا رد ما قال» (٥٢).
فهذا الحديث يكشف عن مدى تألم ابن مسعود وتضجره وشدة اعتراضه وانتقاده لتقديم زيد بن ثابت عليه ... ومثله أحاديث وآثار أخرى.
وهذا الموضع أيضا من المواضع المشكلة ... ولذا اضطراب القوم فيه اضطرابا شديدا ، أما البخاري فقد أخرج الحديث محرفا وتصرف فيه تسترا على عثمان وزيد ، فرواه عن الأعمش ، عن شقيق ، قال : «خطبنا عبد الله فقال : والله
__________________
(٥١) إرشاد الساري ٧ : ٤٤٨ ، البرهان ١ : ٢٤٠ وغيرهما.
(٥٢) الإستيعاب ٣ : ٩٩٣.