مشتملا على دور لزيد بن ثابت فيه مريب .. لأن هذا الرجل الذي كان حين قدوم رسول الله ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ المدينة ابن إحدى عشرة سنة (٥٧) قد جعلوه من مؤلفي القرآن على عهد الرسول .. وأنه على قراءته عارض جبريل القرآن مع النبي عام وفاته ـ صلىاللهعليهوآله ـ .. وأنه الذي جمع القرآن على عهد أبي بكر بأمره .. وأنه الذي جمع القرآن على عهد عثمان بأمره .. وأن القرآن الموجود على حرف زيد ...!!
فإن صح هذا كله فهي «شنشنة أعرفها من أخزم» ، ولكن محمد بن كعب القرظي لم يذكر زيدا فيمن جمع القرآن على عهد النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ (٥٨).
وأما على عهد أبي بكر فقد عرفت بطلان أحاديث الجمع على عهده ، على أن أبا بكر لم يصفه إلا ب «إنك رجل شاب عاقل لا نتهمك» وما كان فيه شئ يتقدم به على ابن عباس وابن مسعود وأبي بن كعب وأضرابهم من حفاظ القرآن وقرائه والعلماء فيه ... مضافا إلى أن قوما من أهل السنة عارضوا بهذا الحديث حديث أنس بن مالك أن زيد بن ثابت أحد الذين جمعوا القرآن على عهد رسول الله ـ صلىاللهعليهوآله ـ قالوا : «فلو كان زيد قد جمع القرآن على عهد رسول الله ـ صلىاللهعليهوآله ـ لأملاه من صدره وما احتاج إلى ما ذكر» (٥٩).
وأما حديث معارضة القرآن على قراءته ـ كما عن ابن قتيبة ـ فقد تكذبه رواية وكيع وجماعة معه ، عن الأعمش عن أبي ظبيان ، قال : قال لي عبد الله بن عباس : أي القراءتين تقرأ؟ قلت : القراءة الأولى قراءة ابن أم عبد ، فقال : أجل هي الآخرة ، إن رسول الله ـ صلىاللهعليهوآله ـ كان يعرض القرآن على جبرئيل في كل عام مرة ، فلما كان العام الذي قبض فيه رسول الله ـ صلىاللهعليهوآله
__________________
(٥٧) الإستيعاب ٢ : ٥٣٦.
(٥٨) الإتقان ١ : ٢٧٢ ، منتخب كنز العمال ٢ : ٣٧٠.
(٥٩) الإستيعاب ٢ : ٥٣٨.