وأما مشكلة إنكار ابن مسعود الفاتحة والمعوذتين ، فقط اضطربوا في حلها اضطرابا شديدا كما رأيت ، فأما دعوى أن ما روي عنه في هذا المعنى موضوع وأنه افتراء عليه فغير مسموعة ، لأن هذا الرأي عن ابن مسعود ثابت وبه روايات صحيحة كما قال ابن حجر ... وأما ما ذكروا في توجيهه فلا يغني ، إذ أحسن ما ذكروا هو : أنه لم ينكر ابن مسعود كونهما من القرآن ، إنما أنكر إثباتهما في المصحف ، لأنه كانت السنة عنده أن لا يثبت إلا ما أمر النبي ـ صلىاللهعليهوآله ـ بإثباته ، ولم يبلغه أمره به ، وهذا تأويل منه وليس جحدا لكونهما قرآنا (٩١).
ولو كان لمثل هذا الكلام مجال في حق مثل ابن مسعود لما جنح الرازي وابن حزم والنووي إلى تكذيب أصل النقل للخلاص من هذه العقدة كما عبر الرازي ...
ولماذا كل هذا الاضطراب؟ ألأن ابن مسعود من الصحابة؟!. إن الجواب الصحيح أن نقول بتخطئة ابن مسعود وضلالته في هذه المسألة ... وإلى ذلك أشار ابن قتيبة بقوله : «لا نقول إنه أصاب في ذلك وأخطأ المهاجرون والأنصار».
وأما قضية سورتي الحفد والخلع ... فنحن لم نراجع سند الرواية ، فإن كان ضعيفا فلا بحث ، وإن كان معتبرا ... فإن تم التأويل الذي أوردناه عن بعضهم فهو ... وإلا فلا مناص من تكذيب أصل النقل ...
قضية ابن شنبوذ
وهنا سؤال يتعلق بقضية ابن شنبوذ البغدادي ...
فهذا الرجل ـ وهو أبو الحسن محمد بن أحمد ، المعروف بابن شنبوذ البغدادي ، المتوفى سنة ٣٢٨ ـ مقرئ مشهور ، ترجم له الخطيب وقال : «روى عن خلق كثير من شيوخ الشام ومصر ، وكان قد تخير لنفسه حروفا من شواذ القراءات
__________________
(٩١) الإتقان ١ : ٢٧٠ ـ ٢٧٢ ، شرح الشفاء ـ للقاري ـ ٤ : ٥٥٨. نسيم الرياض ٤ : ٥٥٨.