للعبادة إلا سويته وهدمته.
ويدل على هذا المعنى الأخبار الكثيرة الواردة في الصحيحين ـ البخاري (٢٦) ومسلم ـ من ذم اليهود والنصارى والحبشة حيث كانوا يتخذون على قبور صلحائهم تمثالا لصاحب القبر فيعبدونه من دون الله ، ولعله إشارة إلى بعض طوائف اليهود والنصارى والحبشة حيث كانوا كذلك في القديم فعدلوا واعتدلوا.
أما المسلمون من عهد النبي ـ صلىاللهعليهوآله ـ إلى اليوم فليس منهم من يعبد صاحب القبر ، وإنما يعبدون الله وحده لا شريك له في تلك البقاع الكريمة المتضمنة لتلك الأجساد الشريفة ، وبكل فرض وتقدير فالحديث يتملص ويتبرأ أشد البراءة من الدلالة على جواز هدم القبور فكيف بالوجوب ، والأخبار التي ما عليها غبار مما ذكرناه ومما لم نذكره ناطقة بمشروعية بنائها وإشادتها وأنها من تعظيم شعائر الله (ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب) (٢٧).
تتمة :
في العام الماضي طبعت في النجف الأشرف رسالة موسومة ب «منهج الرشاد» لأسطوانة من أساطين الدين ـ الشيخ الأكبر كاشف الغطاء ـ الذي يعرف كل عارف أنه كان فاتحة السور من فرقان العزائم ، وكوكب السحر في سماء العظائم ، هو من أفذاذ الأعاظم الذين لا تنفلق بيضة الدهر إلا عن واحد منهم ، ثم تعقم عن الإتيان بثانيه إلا بعد مخض طويل من الأحقاب ، من غر أياديه ـ وكم له في العلم من أياد غرر ـ تلك الرسالة التي رتبها على مقدمة وفصول ، عقد كل فصل منها لدفع شبهة من شبهات الوهابية ودحضها بالأدلة القطعية ، والأحاديث النبوية الثابتة من الطرق الصحيحة عند أهل السنة ، على أن المقدمة وحدها كافية في قمع شبهاتهم ، وقلع جذوم مذهبهم ، وهدم أساس طريقتهم ، وقد أبدع فيها غاية الابداع. ومن بعض أبواب الرسالة : «الباب الرابع : في بناء قبور الأنبياء
__________________
(٢٦) صحيح البخاري ٢ / ١١٤.
(٢٧) الحج : ٣٢.